أساتذة المرحلة.. الغريبة!
يحمل لقبَي «أستاذ ودكتور»، ولم يكن يوماً مدرساً في جامعة الكويت، ولا أستاذاً في غيرها، ومع هذا يضع اللقبين أمام اسمه في كل ورقة تحمل توقيعه أو تشير إليه أو تخاطبه.
بدأ حياته موظفاً في إحدى الوزارات، وحصل على شهادته تالياً، فتوسّم فيه مسؤول كبير الخير، وربما ساعده في شق طريقه للإعلام، فامتلك قناة تلفزيونية وصحيفة، ولم تتمكن الوسيلتان يوماً، حتى بعد عقدين من الزمن، من تغطية حتى نصف مصاريفهما.
فجأة أعلن عن امتلاك جامعة خاصة، باسمٍ رنان، ودار لغطٌ حول الشروط الميسرة للالتحاق بها، وتدني رسوم الدراسة فيها، ثم أقام قبل فترة قصيرة حفلاً كبيراً، حضره مدعووه من جامعة أجنبية، ليقوموا بتكريمه، بعد اختيار جامعتهم له كـ«أفضل أكاديمي في الوطن العربي لعام 2023»! علماً بأن هذه الجائزة لم يحصل عليها أحد من قبل، لا من جامعة أجنبية، خصوصاً لمن لا علاقة له أو لا خبرة لديه بمهنة التدريس، ويمثل هذا في الحقيقة وضعاً مقلقاً، ودليلاً على أن البعض لا يزال بإمكانه النفاذ من «خرم الإبرة»، وهذا ليس عنوان المرحلة، حسب فهمنا!
أخبرني صديق، له علاقة بالسياسة والتعليم، بأن أحد أعضاء الوفد الجامعي، الذي حضر من الجامعة الأجنبية، للمشاركة في تكريم «الأستاذ»، هو من أصل عربي، وسبق أن طلب منه قبل فترة، أن يجد له عملاً في الكويت! كما أن الجامعة الأجنبية، التي ادّعى «الأستاذ الدكتور» أن وفدها حضر خصيصاً لمنحه جائزتها، جامعة صغيرة نسبياً، لم يعرف عنها أي اهتمام بشؤون الشرق الأوسط، ولا يوجد في موقعها ما يشير إلى أنها قامت، في كل تاريخها، بمنح مثل تلك الجائزة!
أتمنى على وزير التعليم العالي النظر في أمره وأمر الجامعة، التي دار ويُدار كلام حولها، ونوعية مدرسيها ومستوياتهم، والجهة الحقيقية التي تقوم بالصرف عليها، فلم يعرف عن صاحبها أنه من أصحاب الثروات، أو أنه ابن لأحد البشوات، مع الاحترام لشخصه.
بناء على نصيحة صديق، قمت بالتواصل مع مواطن سعودي، معروف بتخصصه في معرفة وكشف مصادر الشهادات العليا، وحقيقة الأبحاث العلمية، التي يدّعي البعض كتابتها ونشرها في المجلات والدوريات العلمية، بغية الحصول على أعلى الوظائف وأحسن الترقيات، وسألته عن صحة شهادة «الأستاذ الأكاديمي»، فاكتفى بإطلاق ضحكة، ورفض التعليق. وأرسل لي خبراً بثته «كونا»، تعلّق بحصول صاحبنا على شهادته من دولة عربية! وهذا مثّل حالة غير مسبوقة أن تقوم «كونا» ببث خبر نيل مواطن لشهادة «دكتوراه»؟ كما علّق صديق آخر على الموضوع قائلاً بأنه سيصدّق أن صاحبنا الأستاذ والأكاديمي قد حصل على تلك الجائزة، وأن ذلك يقع ضمن أنشطة الجامعة الأمريكية، ولكن ألا يثير ذلك العجب في أنه أول عربي يحصل على «جائزة أفضل أكاديمي في الشرق الأوسط»، وهناك المئات غيره الذين استحقوا ويستحقون هذا اللقب منذ عقود؟
نتمنى على وزير التعليم العالي النظر في أمر الجامعة، ومن يديرونها، فهل أصبح التعليم العالي هكذا، وأصبح افتتاح «جامعة»، وإدارتها، بهذا الاستسهال؟
ملاحظة:
كتابي الأخير «سر لبنان بعيون كويتية» متوافر عبر رسالة «واتس أب» على رقم 99306124، الريع سيذهب تبرعاً لجمعية الصداقة الإنسانية.
أحمد الصراف