ثلاث قضايا.. برسم وزير العدل
صدر في 26 ديسمبر 2023، أي قبل 13 شهراً، قانون منع كتاب العدل من إصدار الوكالات العقارية غير القابلة للعزل والإلغاء. كان المتعاملون في العقار يقومون بتحرير هذا النوع من الوكالات، عند بيع عقار، حيث يقوم البائع بإصدار تلك الوكالة غير القابلة للإلغاء، ويتسلم ثمن عقاره، ومن حق المشتري إما تسجيل الأرض باسمه تاليا، بموجب تلك الوكالة، وإما بيعها لآخر، بالطريقة نفسها، التي من مزاياها تجنب دفع رسوم بيع العقار العالية، بخلاف رسم إصدار الوكالة المتواضع. كما توفر سرعة في عملية البيع، وطريقة «للتحايل» أو غض النظر عن وجود أية مخالفات بناء على العقار، فيتم البيع طبقا لطريقة «الجمل بما حمل»، وغالبا بعلم الطرفين بأي مخالفات!
على الرغم من أن القانون أعطى حاملي الوكالات غير القابلة للعزل فترة سنة للتخلص منها، فإن هؤلاء لم يستطيعوا فعل شيء في غياب اللائحة التنفيذية، لكن ربما جهة ما في العدل، أهملت في إصداره لسنة، حيث صدر في ديسمبر الماضي، فقط!
بدأ سباق محموم بين حاملي الوكالات غير القابلة للعزل والإلغاء، لقصر الفترة المتبقية أمامهم، خاصة تلك التي تتطلب مراجعة البلدية، لاستخراج شهادة أوصاف العقار، وكتب المسح والتحديد، وهذا يتطلب فترة طويلة، مع إصرار البلدية على رفض قبول أية معاملة بعد 31–12–2024!
كل هذه الربكة والفوضى وضياع المصالح والوقت، وقعت بسبب الغياب «غير المحمود» للائحة التنفيذية للقانون لقرابة سنة! وهذا يتطلب من السيد الوزير النظر في الأمر وتحديد الطرف المسؤول عن هذا الإهمال.
* * *
من جهة أخرى، أصدر وكيل وزارة العدل المساعد لشؤون التسجيل العقاري والتوثيق، مؤخرا تعميما منع فيه كتاب العدل إصدار إقرارات دين أو كفالة على المواطنين لمصلحة أي شخص «غير كويتي»!
قد تكون النية طيبة من وراء إصدار هذا القرار، لكنه يعني الكارثة للمتعاملين في التجارة وغيرها من الأنشطة التي تتطلب توثيق العقود والديون، وكتابتها وحفظها لدى الجهات المعنية في الدولة. كما أن ضررها يشمل المواطن والمقيم. كما يرى أحد القانونيين أن دور الكاتب العدل هو وقاية المجتمع من النزاعات والتخفيف من تراكم القضايا لدى القضاء، بفضل ما يصدره من محررات تتسم بكونها حجة على الجميع. ولكن بموجب هذا التعميم سيضطر المتعاملون في السوق، خاصة المقيمين، للاتجاه إلى القضاء من أجل اصدار أحكام صحة ونفاذ اقرار دين، وهذا سيؤدي لتراكم القضايا، وخسارة المال والوقت، وكل ذلك يمكن تجنبه بالذهاب للكاتب العدل الذي بإمكانه إصدار سند تنفيذي، واجب النفاذ، ومذيل بالصيغة التنفيذية خلال ربع ساعة، بدلا من الانتظار لسنوات، وإشغال مختلف الجهات التنفيذية والقضائية!
نتمنى هنا ايضا تدخل معالي وزير العدل لحل هذه الإشكالية.
* * *
كما صدر قبل أكثر من 5 سنوات قانون «السجل العيني»، وصدرت لائحته التنفيذية، وعلى الرغم من أهميته، إلا أنه أُهمل من كلِّ وزراء العدل، باستثناء واحد، قام بتطبيقه على منطقة صغيرة، ثم توقف.
قانون السجل العيني يختص بالاحتفاظ بسجل يتم فيه تسجيل كل العقارات والأملاك، بحيث يبيّن حقوق الملكية المتعلقة بها، وإحدى الخطوات الضرورية والرائدة في تحديث القطاع العقاري في الكويت. ويعد هذا القانون من أهم القوانين، التي تنظّم عملية تسجيل العقارات وضمان حقوق الملكية للجميع، وأيضاً لغرض تطوير البنية التحتية للبلد، وتحديث الخدمات العقارية. فالسجل العيني يبيّن أوصاف کل عقار وحالته القانونية والحقوق المترتبة له وعليه، والمعاملات المتعلقة به. ويحق لكل طرف الطعن في كشف الملكية. وفي حال وجود خلاف تنظر لجنة التظلمات في شكوى المتضرر، ويمكن الطعن في قراراتها أمام المحاكم المختصة، من استئناف وتمييز.
نتمنى هنا أيضا تدخل السيد الوزير وتنفيذ القانون، أو إلغاءه تماما.
ملاحظة: مؤلف قصيدة «لأقعدن على الطريق»، التي ورد ذكرها في مقال أمس هي في الحقيقة للسلطان سعيد، ابن السلطان أحمد بن سعيد البوسعيدي، لذا اقتضى التنويه.
أحمد الصراف