يوم غائم في البر الغربي
«.. صار المشوار من السيدة زينب الى شارع نوبار واحدا من اجمل المشاوير الى قلبها، حوارٍ ضيقة تشبه خطوط راحة اليد، واسبلة تقدم ماء معطرا بالورد، ومجاذيب يدورون بالمباخر حول مقام السيدة، مرضى ومقعدون يتوافدون من كل مكان يتشبثون بحديد مقامها المعشق، ترفع ادعية التوسل والاستغفار، من فوق مئذنة الشيخ الحنفي، ويرددون الاذكار في كل خميس، آه يا امي.. اريدك ان تكوني معينا، اعرفك بــ«مختار»، احكي لك عن كل تلك المشاعر التي تنمو في داخلي، عن تدافع ضربات قلبي حين اراه بانتظاري وتلك الرعدة التي تنفض جسدي حين تتلامس يدانا عفوا، وان تتعرفي على «ام عباس»، التي اصبحت لا تنام الا بعد ان تطمئن على وجودي، ولا تفطر الا بعد ان اصحو من النوم، كانت شربة الركيب ما زالت ساخنة، الحمام يهبط بوداعة على اكشاك باعة الكتب القديمة في وسط الميدان، وفي كل ثلاثاء ترتب الفلاحات كريات الزبدة والبيض في اهرامات متوهجة، وباعة العرقسوس يرنون الصاجات وهم يصيحون «مسكر يا خمير»!.. ».
هذه فقرة من الطبعة الثالثة من رواية «يوم غائم في البر الغربي»، التي كتبها في 678 صفحة الروائي المبدع محمد المرسي قنديل، والتي تجري احداثها في مصر في بداية القرن العشرين، وعهد البشوات والخديوي ومصطفى كامل ومحمد فريد وفورة التنقيب عن الآثار، ولصوصها والباحثين عنها وعشاقها وتاريخ مصر الفرعونية، مع قصة حب وشقاء وعذاب عائشة، التي تتجسد فيها حياة ومآسي ملايين الفلاحات منذ ايام توت عنخ آمون حتى اليوم.
رواية «يوم غائم» جديرة بالقراءة، فهي تشدك من صفحتها الاولى ولا تستطيع مقاومة الرغبة المختلطة في الانتهاء منها لتعرف احداثها، وان تبقى في الوقت نفسه بين يديك دون انتهاء ليطول تمتعك بقراءتها لاطول فترة.