الرابط السري.. بين الكويتي والياباني

يعتبر اليابانيون من اكثر الشعوب إخلاصا وتعلقا بالعمل، وكانوا خلال الأزمات والحروب يرفضون التوقف عن العمل بتاتا، سواء في الحكومة أو القطاع الخاص، لكن بدأت الحكومة تاليا تجبرهم على «التمتع بالإجازة»، وهذا أحدث تحولا ثقافيا في المجتمع الياباني، حيث كان يُنظر تقليديًا إلى رفض أخذ الإجازة على أنه نوع من التفاني في خدمة الدولة أو الشركة. وبالرغم من مرور عدة عقود على هذه القرارات فان نسبة كبيرة من الموظفين لا تزال تشعر بالتردد في أخذ إجازة، بسبب مشاعر الإحساس بالمسؤولية، ولا يزال الميل للإفراط في العمل موجودا.
يبلغ متوسط إجازة الموظف الياباني في الحكومة 20 يوما، لكن غالبا لا يستخدم منها إلا حوالي %60 - %70، مقارنة بـ45 يوما في الكويت. أما في القطاع الخاص فهناك ميل أقل لأخذ الإجازة السنوية، بالرغم من كل جهود الحكومة لتشجيع الفرد على التخلي الطوعي عن وظيفته لفترة، لتحسين التوازن بين العمل والحياة، لكن البعض يلجأ للعمل من المنزل، أثناء الإجازة. أو أخذ ما يسمى بـ«الإجازة الصامتة، عبر البريد الإلكتروني. والبعض الآخر يختار زيارة المكتب طوعيا لانهاء العاجل أو المتراكم من الأمور، وهذا دفع جهات عدة لفرض «الإجازة الإلزامية الجماعية» عن طريق إغلاق الشركة أو المكاتب، أو فرض إجازة «نصف اليوم»، أو إرسال البعض في دورات تدريبية، أو تشجيعهم على المشاركة في أنشطة تطوعية خلال إجازاتهم.

أما في الكويت فمن المنطقي الافتراض بأن وضعنا يتطلب تقليص إجازة الموظف لزيادة الإنتاجية، المنخفضة اصلا، لذا سعى ديوان الخدمة المدنية بفرض البصمة الثلاثية التي لا مثيل لها في العالم لمراقبة التزام موظفي الحكومة العمل، وبالرغم من تأييدنا للقرار، إلا أنه دليل على «غياب الرادع الأخلاقي»، وعدم الالتزام بمقولة «العمل عبادة» لدى غالبية الموظفين، حيث نرى التزاما صارما، في رمضان مثلا، في أداء بعض الفرائض، يقابله التزام آخر بالمغادرة بعدها للبيت!

سبق أن أجرى الديوان تعديلات على قانون شراء الإجازات، المعيب، حصر فيها «هذا الحق» في الكويتيين، وبثلاث سنوات عمل، وصرف البدل النقدي مرة كل عشرة أعوام، على أن تكون آخر 3 تقارير كفاءة للموظف بدرجة جيد جداً على الأقل، وأن يكون قد أمضى في ذات الجهة الحكومية، بعد التعيين فيها أو النقل إليها، 3 سنوات على الأقل قبل تاريخ صدور قرار الصرف، لا سنتين، وألا يكون الموظف قد تلقى عقوبة تأديبية. كما قام بتخفيض حق الموظف في تراكم إجازاته من 180 يوما إلى 90. وإجباره على أخذ إجازة سنوية لا تقل عن 15 يوما، بدلا من ترك القرار له. وتعويضه عن الإجازات، عند نهاية خدمة 15 سنة، بحدود 70 يوما بدلا من 180 يوما الحالية. وبعد خدمة 25 عاما له الحق في 90 يوما بدلا من 225 يوما، وغيرها من قرارات. ويبدو أننا أصبحنا مثل اليابان، في فرض الإجازة على الموظف! لكن عزوف بعض موظفينا عن التمتع بها لم يكن «غالبا» من منطلق «حب العمل والتفاني في أدائه»، بل لأن نسبة منهم كانت «تتمتع» بالإجازة من دون طلبها، من خلال التغيب، من دون أن يشعر به أحد! لذا شهدنا، بعد تطبيق البصمة الثلاثية، ما يشبه الانقلاب، وأصبحت الإجازة فجأة ضرورية لهؤلاء!


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top