سحب أسماء الشوارع

مع بداية صدور قرارات الحزم، التي طال انتظار الكثير منها، انتشر خبر، فيما يشبه محاولة «جس نبض الشارع»، تعلّق بنيّة الحكومة إلغاء أسماء كل الشوارع، وإعادة تسميتها حسب أنظمة وقواعد جديدة، مع استخدام الأرقام. ويقال إن قراراً ما صدر بذلك الخصوص، لكن لأسباب لا تخفى على الكثيرين، لم يعلن عنه، بالرغم من الترحيب الكبير، الذي لقيته محاولة «جس النبض». تلاشى الحماس بعدها، واختفت الفرحة، واطمأن «حسن البنا» لبقاء اسمه على شارعه في الرميثية!
مررنا بفترة كان فيها المخامط، أو التكالب على كسب الجنسية، سواء لغير الكويتي، أو لزوجة الكويتي، وحتى الصورية منها، أمراً شائعاً. وحدث ما يشبه ذلك في إطلاق التسميات على شوارع الدولة، الداخلية والخارجية والرئيسية والفرعية، حيث نال الكثيرون شرفاً لا يستحقونه بتسمية شوارع طويلة وعريضة ورئيسية بأسمائهم، وكل ما فعله أغلبيتهم أنهم «توفوا»، وهذا أعطى ذويهم، ما اعتقدوا أنه «حقهم»، في مطالبة الحكومة بتسمية الشارع الذي كان بيت المرحوم يقع فيه، أو يطل عليه، باسمه!
* * *
سنتخيّل أن الحكومة اتخذت قراراً، لا رجعة فيه، ولأسباب عدة يصعب حصرها، على اعادة النظر في أسماء كل شوارع وطرق الدولة، بسبب مستجدات أمنية وأخلاقية طرأت، واستقر رأيها على السير في عملية التغيير، بحيث تستمر لبضع سنوات، والبدء بالتغيير حسب الحروف الأبجدية لكل منطقة، وتم اختيار شخصية معروفة ليست فقط بنزاهتها، بل وبعريض خبراتها بالأنساب وبشخصيات الكويت، إضافة لخبرتها بتاريخ الكويت، والدول العربية، والكثير من الأجنبية، لترؤس لجنة «تسمية الشوارع»، التي يبلغ عددها عشرات الآلاف، ومعرفة أهمية وخلفية وظروف كل اسم يتم ترشيحه، واتخاذ قرار بشأنه، إما بإبقاء التسمية كما هي أو بتغييرها لاسم آخر، يتم اختياره ضمن القواعد التي على اللجنة وضعها، وموافقة الحكومة عليها، طبقاً لطول وعرض الشارع وموقعه وأهمية ما يقع عليه من معالم ومبانٍ عامة.

واجهت الحكومة مشكلة تعلّقت بالشرط، الذي وضعه رئيس اللجنة، الشخصية الأهم فيها، حيث طالب، بسبب ظروف خاصة، رفض الإفصاح عنها، أن يكون عمله واللجنة لساعات معدودة يومياً، وأن تنتهي مهامه، شخصياً، كرئيس لها بعد عام!

اسقط بيد الحكومة، لاستحالة انتهاء اللجنة من عملها خلال تلك الفترة القصيرة نسبياً، مع صعوبة التراجع عن قرار «سحب الأسماء»، لما تضمنه قرار السحب من محاذير أمنية أو أخلاقية تحتم شبه استحالة استمرار الوضع أو بقائه على ما هو عليه.

بعد الاستئناس بآراء الخبراء والقانونيين تبيّن أن من الأسلم، بسبب ضيق الوقت، والخوف من تعرّض اللجنة للضغوط من مختلف الأطراف، مما قد يدفعها للتنازل عن بعض قراراتها، واحتمال قيام من سيرأس اللجنة مستقبلاً، بتغيير القرار، أو التلاعب فيه، أو حتى حل وإلغاء اللجنة كليا، تقرّر الإلغاء الفوري لأسماء كل الشوارع، من دون حساب لما يمكن أن ينتج عن ذلك من ملابسات وصعوبات «أسرية أو لوجستية أو اجتماعية»، وأن يشمل السحب كل الشوارع، من دون استثناء، واستبدالها بأرقام، بصورة مؤقتة، وهذا سيمكّن اللجنة من مباشرة عملها، على راحتها، واختيار الأسماء الصحيحة والمناسبة لكل شارع، من دون الخوف من التعرّض لأية تأثيرات أو تدخلات، تحت ضغط الوقت!


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top