الدين والأخلاق والكهرباء

ليس هناك أسهل من إلقاء المسؤولية على الحكومة، وإخلاء طرف المواطن تماماً، مما يحدث في وزارة الكهرباء. بالرغم من أن الأخير، المتذمّر الدائم، وإن كان بطريقة غير مباشرة، السبب الأول وراء هذا الخراب، بانتخابه، طوال عقود، الأكثر سوءاً ليتولى مهمة إصلاح البلاد والتشريع، كما كان ونوابه الرافضين الدائمين لزيادة تعرفتي الماء والكهرباء.

لا شك أن حكومات سابقة تقاعست عن محاربة الفساد، الذي تراكم في كل مكان، ومنها وزارة الكهرباء، التي كان لها نصيبها من التعيينات البراشوتية، خاصة من المتردية والنطيحة، وإسناد أخطر المناصب الفنية لها، على أسس قبلية أو طائفية أو أسرية.

كما كان لها الدور الأخطر في جعل المواطن شخصاً «ماكاري»، لا يعرف كيف يحافظ على ثروات بلاده، ويمتنع عن الإضرار، جهلاً، بمصالح وطنه، مع عدم الاكتراث بتعليمه منذ الصغر، غير «الحفظ»، الذي لم ينفعه في شيء، وليس كيفية المحافظة على البيئة، والاقتصاد في استهلاك الماء والكهرباء، ورفض الهدر، والإحساس بالمسؤولية.

من واقع معرفتنا بمنجزات الوزير الأستاذ صبيح المخيزيم، فإن بالإمكان القول إنه رجل المرحلة، في هذه الوزارة الخربة، وعليه تقع مسؤولية إصلاحها، بعد أن فشل في ذلك معظم من سبقه، مع الاحترام لشخوصهم. وعلى مجلس الوزراء دعمه، فمهمته ليست سهلة، وتتلخص في التالي:

1 – الاستغناء عن أغلبية، إن لم يكن كل، شاغلي الوظائف العليا، فقد سبق أن تعاملت مع أغلبهم، وكانوا مثالاً لعدم الكفاءة وقلة الجدارة والخبرة.

2 – إعادة النظر في كامل نظام ترسية مناقصات الوزارة ومشترياتها.

3 – تأسيس شركات متخصصة، محلية وأجنبية، لتوليد وبيع الطاقة الكهربائية لقطاعات صناعية أو تجارية، أو حتى سكنية معينة.

4 – فرض غرامات عالية على سارقي التيار الكهربائي والمياه، سواء كانوا من ملاك البيوت أو الشركات، وعلى سوء استخدام المياه في غسل السيارات والأرصفة، وهذا يتطلب أيضاً توعية مستمرة.

5 – إلغاء الرسوم الجمركية على كل المواد التي تقلل من استهلاك الكهرباء والماء، وتشجيع استبدال مصابيح led بالمصابيح التقليدية، وتركيب أنظمة تحكّم ذكية، تشمل حساسات الحركة والإضاءة التلقائية، لتقليل الاستخدام غير الضروري للكهرباء. وخفض الجمارك عليها وعلى الأجهزة الكهربائية ذات الكفاءة العالية، الحاصلة على تصنيف «طاقة a+»، واستخدام تقنيات ترشيد استهلاك المياه، مثل رؤوس الدش الموفرة للماء، وصمامات تحكم بالتدفق، وتقنيات إعادة تدوير المياه في الاستخدامات غير الصالحة للشرب، مثل الحنفيات والمصابيح ومواد وأجهزة توليد الطاقة النظيفة، وتلك التي تعمل بالاستشعار، وغيرها من مواد.

6 – تعميم وتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة، الشمسية والرياح، عبر توفير الحوافز المالية والضريبية للأفراد والشركات، وسن قوانين ولوائح ملزمة للحد من استهلاك الموارد، وتشجيع اعتماد معايير بناء مستدامة.

7 – مراقبة عمل شركات تعبئة وبيع قناني المياه.

8 – فرض رسوم على أصحاب برك السباحة، من أفراد ونوادٍ رياضية وشركات وفنادق وشاليهات.

9 – إصدار تعليمات صارمة لكل الجهات الحكومية، ومجمع الوزارات، والهيئات الحكومية، بضرورة إطفاء كل الأجهزة الكهربائية غير الضرورية، مع نهاية دوام العمل.

10 – إصدار تعليمات واضحة لأئمة المساجد بضرورة الحرص على عدم تشغيل أجهزة التكييف والإضاءة خارج أوقات الصلوات، وتعليم المصلين الوفر وليس فقط الحفظ.

11 – تنظيم حملات توعية وتثقيف المواطن حول أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية، وشرح مضار تبذيرها. ودمج مفاهيم الاستدامة وتوفير الموارد ضمن المناهج الدراسية في كل المراحل، وليس التركيز فقط على المواد الدينية.

12 – والأهم: إعادة نظر جذرية في سعر بيع وحدة الكهرباء والماء للأفراد، والشركات، والمصانع، وجعلها تصاعدية، مع احتسابها على أساس نظام الشرائح، بحيث لا يتضرر صاحب الدخل البسيط.

13 – تطبيق التحصيل الفوري لفاتورة استهلاك الماء والكهرباء، ودفعها أونلاين شهرياً، وسيكون لذلك أثره الفوري على خفض الاستهلاك، إضافة لأثرها الإيجابي على موارد الدولة.


أحمد الصراف

الارشيف