موضوع الزكاة والخُمس
لا اتفاق عاما بين كل المسلمين على ما تعنيه الزكاة بالضبط، التي تبلغ نسبتها %2.5 عند المذاهب السنية الأربعة، ولا الخُمس الذي تبلغ نسبته %20 عند الشيعة الإمامية، بخلاف أنها فرائض مالية واجبة الدفع.
الخمس يمثل 20 في المئة مما يربحه الإنسان سنويًا مما يزيد على حاجته وحاجة عائلته من أرباح التجارة، الصناعة، الزراعة، أو أي مكسب آخر، وليس فقط غنائم الحرب، كما هو الحال عند غالبية أهل السنة، وهذا تفسير مطاط يمكن التلاعب فيه. ويستند الشيعة في ذلك إلى النص القرآني: «وَاعْلَمُوا انَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَانَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ».
ويقسم الخُمس عند الشيعة الاثنى عشرية إلى قسمين رئيسيين: سهم الإمام (أو سهم الله والرسول وذوي القربى) ويُصرف في زمن الغيبة للإمام المهدي، عبر ممثليه الأحياء من المراجع والفقهاء لتغطية حاجات المسلمين. وهناك سهم السادة (اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من بني هاشم)، ويصرف على فقراء بني هاشم فقط، لأن الزكاة محرمة، فعوّضهم الله بالخُمس.
يرى الشيعة أن الخُمس يُحقق عدة أهداف، منها دعم الفقراء من آل البيت، ودعم جهود المرجعيات في إدارة شؤون المجتمع الشيعي، وكونه أداة لإعادة توزيع الدخل داخل المجتمع الشيعي، حيث يُفرض على الأرباح والفوائض المالية، ويتصرف به المراجع الدينية.
يعتقد المؤمنون بهذا النظام أنه إذا أُحسن تطبيقه، يمكن أن يحقق تكافلاً اجتماعياً واضحاً ويقلل من الفوارق الطبقية، ويساهم في تمويل مشاريع تعليمية وصحية وخدمية، وفي دعم طلاب الحوزة، أو المدرسة الدينية، ويشبه ضريبة الدخل، ويمكن أن يؤدي دوراً مشابهاً إذا أُدير بكفاءة، حيث يوفر سيولة مالية عالية ويخفف العبء عن الدولة في بعض القطاعات الاجتماعية، وهذا طبعا كلام غير واقعي، فالضريبة نظام معقد ويحتاج أجهزة رقابية وعقوبات وغير ذلك مما لا يتوافر لدى رجال الدين.
بالرغم من الإمكانات الكبيرة لأموال الخُمس، لكن هناك انتقادات تتعلق بعدم الشفافية في جمع وتوزيع هذه الأموال، وعدم وضوح أثرها المباشر في الاقتصاد المجتمعي في بعض البلدان. وهنا يُطرح تساؤل، ربما يمتد لمئات السنين، حول غياب كامل لأي مشاريع تنموية كبرى أو برامج واضحة تدار من أموال الخُمس، مقارنة بوقف مشروع جوائز نوبل مثلا. ويرى البعض أن تحقيق أثر اقتصادي ملموس يتطلب إصلاحات في آليات الإدارة والتوزيع، وزيادة الشفافية والمساءلة. كما تفتقر كل المدن أو المزارات الدينية، خاصة في العراق للخدمات الصحية، مثل مصادر مياه شرب نظيفة، أو دورات مياه نصف لائقة، أو مدارس جيدة، مع غياب تام للعمل المؤسسي في استثمار أموال الخمس، وبقائها في أيدي جهات لا تمتلك تلك المعرفة.
تركز «دفع» الخمس، بشكل أساسي، في نصف القرن الماضي على مواطني الدول النفطية، حيث يقوم المكلف بتحويل حصته من الخمس مباشرة إلى، إن كان محليا، وهذا قليل جدا، أو يحول لمن يمثله، سواء في نفس دولة المكلف أو في دولة المرجع. ويقوم ممثلو المرجع، في الدولتين، بتحويل تلك الأموال للمرجع، بعد استقطاع حصتهم منها.
يتم تحويل مبالغ الخمس للخارج إما عن طريق تحويل مصرفي لا يزيد غالبا على 3000 دينار، أو عن طريق شركات الصيرفة، التي لا تقبل تلقي المبلغ نقدا. وإن تكرر التحويل لذات الجهة فإن البنك أو شركة الصرافة ملزمة إعلام الجهات المعنية بالأمر. كما يتطلب من المحول، أو ممثل المرجع، تعبئة النموذج الرسمي «اعرف عميلك»!
وبالتالي فإن الخُمس عملية بين المكلف ومرجعه، وغالبا لا دخل للحسينيات بجمع أو تحصيل أو تحويل الخُمس لأية جهة.
أحمد الصراف