قصرا السيف ودسمان وفهد العبدالجليل
كتبت قبل أيام عما أبدعته أيدي الشيخة «ميّ الخليفة» في البحرين، وتمنيت تواصل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب معها، وربما دعوتها لزيارتنا وإلقاء محاضرة عن جهودها لحفظ ثقافة وتراث وطنها، من خلال المتاحف والأماكن الأثرية والبيوت التي قامت إما باستملاكها، او قبولها كهبات من أصحابها، وتحويلها لقطع فنية ومعمارية وتاريخية رائعة، ووضعها بتصرف الجميع.
لقد انتبهت الكويت مبكرا لموضوع حفظ التراث، عندما أوقفت هدم بعض بيوت المواطنين المميزة، وخاصة الواقعة على الواجهة البحرية، والتي آلت ملكيتها للدولة، خلال فترة «التثمين»، التي أعقبت ثراء الدولة، من خلال استملاك كل المساكن، لإتاحة الفرصة لإعادة تنظيم العاصمة بطريقة عصرية. لكن قلة من هذه البيوت والآثار التاريخية حظيت بالاهتمام اللائق بها، مقارنة بما رأيته في البيوت والمتاحف والآثار التي تولت الشيخة «ميّ الخليفة»، الاهتمام والعناية بها. فبخلاف القصر الأحمر، وبيت «يوسف شيرين»، الذي تحول لـ «بيت السدو»، وقصر الشيخ عبدالله الجابر (ديوانية الشيخ خزعل بن مرداو سابقا) وقصر الغانم (بيت الشيخ خزعل بن مرداو، سابقا)، وبيت ديسكون، فإن البقية تحولت لديوانيات وبقيت بتصرف أصحابها، وبقيت غالبيتها من غير رونق أو روح.
ما لفت نظري لهذا الموضوع الفيديو الذي سجلته القبس مع جامع الآثار الكويتي الأستاذ فهد العبدالجليل، حيث تبين ملكيته لعدد كبير من القطع الأثرية النادرة، التي يحتفظ بها في سكنه، ومنها أقدم خريطة ذكر فيها اسم الكويت، تعود للرحالة نيبور لعام 1776، وأول نسخة من الدستور، فنحن، في هذه الأيام بالذات، أحوج ما نكون لتسليط الضوء على مثل هذه الأمور بطريقة مختلفة، لنثبت للعالم حقوقنا، وتميزنا، الذي لا يختلف عليها عاقلان.
هناك أيضا متاحف أخرى خاصة عديدة لدى هواة جمع التحف والآثار، كمتحف نواف العصفور، وخالد العبدالمغني، وهاني العسعوسي، وصالح المسباح، وعلى الأرجح هناك غيرهم، ويمكن للمجلس الوطني التعاون مع هؤلاء وعرض مقتنياتهم الثمينة، عن طريق الشراء أو الاستعارة، وعرضها في البيوت والدواوين الأثرية المستملكة، لجعلها تنبض بالحياة، وتستحق عناء الزيارة، بدلا من الوضع الحالي «المتواضع» لغالبيتها، بعد الاتفاق مع مديري هذه الديوانيات، التي كانت يوما بيوتا عامرة، لتخصيص ساعات محددة، من كل يوم تقريبا، خاصة في الفترة الصباحية، وعطل نهاية الأسبوع، لتكون مفتوحة أمام المواطنين والوافدين، وزوار الدولة، لزيارتها والتمتع بالرائع من تاريخ عدد منها، وتعريف الجميع بتراثنا، والتعاون معهم في عرض بعض مقتنيات هؤلاء الهواة لديهم، بنظام الإعارة.
كما نتمنى على المجلس إبقاء المكتبة الوطنية، والمواقع الأثرية الأخرى مفتوحة خارج ساعات الدوام، خاصة في العطل، ليمكن للجميع زيارتها والاستفادة مما بها من ثروات!
كما نتمنى عليه أيضا التواصل مع مسؤولي الديوان الأميري، والتفكير جديا في تحويل قصر السيف القديم، الذي يشكل جزءا من ذاكرة الوطن، وقصر الحكم لأكثر من مئة عام، إلى متحف مفتوح، فهو من أشهر قصور الدولة، حيث شيد عام 1904 في عهد الشيخ مبارك الصباح، وتمت أعمال تطويره في عهد الشيخ عبد الله السالم عام 1961، ويتخذ تصميم القصر الطابع المعماري الإسلامي سواء باستخدام الأقواس أو الزخارف الإسلامية، إضافة إلى لمسات ملحوظة من التراث الكويتي.
ملاحظة: بعد كتابة هذا المقال، وردنا خبر موافقة الجهات المعنية على استملاك قصر دسمان وتحويله لمبنى أثري تاريخي.
أعتقد أن المبنى يصلح لأن يكون مكانا مناسبا لاحتضان كل مقتنيات هواة جمع الآثار، من المواطنين، وأن تحمل الصالات أسماءهم تقديرا لهم.
أحمد الصراف