التدريب على جمع المال وأكل الحلال
باختصار شديد، ليس هناك هدف يبتغيه «الإخوان المسلمون»، ويسعون إليه ليل نهار، إلا الوصول إلى الحكم، ويعتبرون ذلك في كل أدبياتهم هدفاً شرعياً؛ فبقاؤهم كجماعة دعوية من دون الإمساك بالحكم، كما تحقق لهم لفترة وجيزة في مصر والسودان، أمر مؤقت وفرصة تمكين لا أكثر!
تأسست جماعة الإخوان قبل قرن من الزمان، ومع هذا لا يُعتبر ما حققوه حتى الآن شيئاً يُذكر، لكن عاماً واحداً من حكم مصر كان كافياً ليرى الجميع حقيقة فكرهم، وغياب استراتيجيتهم، لذا دفعت تفاهتهم ثلاثة ملايين مصري إلى الخروج في ثورة شعبية عفوية تطالب برحيلهم.
يُعتبر تغيير الفكر الجمعي للمجتمع وجمع المال من أهم وسائل وصول الإخوان إلى السلطة. فهكذا فعلت كل الأحزاب المتطرفة، دينية أو نازية أو شيوعية، لذا ركّز الإخوان على موضوع التعليم، وعلى مناهج المدارس، واتحاد الطلبة، وجمعية المعلمين، ومختلف وسائل الإعلام، وبثوا كُتّابهم بين أصحاب أعمدة الصحف، وأسسوا عشرات الجمعيات الخيرية، ووجّهوا أموالها إلى مئات الأنشطة الدعوية، وكل ذلك استعداداً ليوم «النفير» والقفز على السلطة، فهذا كان دائماً وأبداً حلمهم وهدفهم، لكن ما ساهم في عرقلة مشاريع وصولهم إلى الحكم، كمُّ الحرمنة وسوء الذمة المالية للكثيرين من المنتمين إليهم، وبالذات من كبارهم. فقد تجمّعت لدى بعض هذه الجمعيات، مبالغ طائلة، كان لا بد من تنميتها وتشغيلها لغرضين: أولهما توفير آلاف الوظائف لأعوانهم، خاصة من الوافدين، من خلال تأسيس عشرات الشركات والمشاريع التجارية، والتعليمية بالذات، وتحقيق عوائد ضخمة من وراء ذلك، وجمع ما يكفي من مال لتمويل أية حركة انقضاضية على السلطة، لذلك سعوا إلى تأسيس عشرات المدارس الخاصة، لاستخدام مناهجها وطرق التدريس فيها للتأثير في الناشئة وسلب عقولهم، وهي التي يتطلب الأمر إلغاء تراخيصها، لسوء نية القائمين عليها، التي يستغلونها، غالباً، لتخريب عقول طلبتها بسيّئ فكرهم السياسي.
يتطلب القيام بالعمل التجاري أو الاستثماري الحصول على ترخيص، وتوافر شروط، وهذه عادة ما لا تمتلكها الأحزاب الدينية، وفوق ذلك فإن القوانين تمنعها من ممارسة الأنشطة التجارية والاستثمارية، إضافة إلى عدم اعتراف بعض الجهات والدول بكياناتها السياسية، لذا تضطر إلى الالتفاف على هذه الأنظمة، من خلال تسليم مبالغ ضخمة من أرصدتها لأعوانها من «شاطر وفاطر وندى وكدى وسدى»، ليتولوا أمر إدارتها، وكانت ذمة بعضهم واسعة، فاستولوا عليها، أو على أجزاء منها، أو توفوا، وانتقلت تلك الثروات إلى ورثتهم قبل أن يتمكنوا من تحويل أرصدتها إلى غيرهم.
كما اتسمت عقليات أغلبية العاملين في هذه الأحزاب، ومن قياداتها، بميلها الشديد إلى متع الدنيا، فاستغلت نفوذها السياسي والمالي لتحقيق الدنيء من رغباتها، ولتمرير غير القانوني من معاملات زبائن شركاتها.
كما اشتهر عن الكثير منهم عدم ترددهم في استخدام الكذب وسيلة لتغطية المخجل من مواقفهم وخياناتهم الوطنية، كما حدث بعد التحرير مباشرة، وهو الموقف الذي كان مثار استغراب الكثير من المعلقين والشخصيات الكبيرة، كالأمير تركي الفيصل، والشيخ سعود الناصر، وغيرهما.
* * *
تسعى التنظيمات الدينية، عبر مختلف الوسائل، إلى الاحتفاظ بصلاتها وعلاقاتها مع الشباب، سواء عبر الاتحادات ودورات تحفيظ القرآن والتجمعات الكشفية، والمحاضرات، والكورسات الدراسية شبه المجانية، وتجمعات المساجد بين الصلوات وبعدها، تحت أسماء براقة، وتوزيع جوائز ثمينة على المشاركين فيها، وكسب قلوبهم، كبرنامج إعداد القيادات الاستراتيجية للشباب، الذي يعمل أونلاين على برنامج «زووم» من إسطنبول، حيث اختتمت المجموعة كورسها الأخير بحفل، تضمن خطباً من المشرفين على البرنامج، الذي يديره المشرف العام على إصدارات مجلة الإخوان المسلمين في الكويت، وهذا يكفي لمعرفة الهدف الحقيقي من وراء هذه الدورات، وهو «الكسب الناعم» للكوادر، من دون الإفصاح عن الوجه الحقيقي، الذي يقف خلف البرنامج!
أحمد الصراف