72 ألف شلوت
كنت في جلسة مسائية مع صديق عندما رن جرس الهاتف وكان المتحدث مديرا شابا في أحد المصارف طالبا مقابلتي، ولعدم حاجتي الى سماع شيء منه، فقد تعللت بأنني في بيت صديق ومشغول بحديث خاص، فقال ان مقابلته ستكون لخمس دقائق فقط، ووجود صديق سيساعد في الأمر، وعندما حضر دخل في الموضوع مباشرة، حيث عرض علينا فرصة لربح نصف مليون دينار بسهولة من خلال فكرة بسيطة، فبإمكان كل واحد منا اقتراض مبلغ خمسين ألف دينار من البنك بكفالة الآخر، أو بضمان حساباته الأخرى مع البنك، ثم حفظ مبلغ القرض في حساب وديعة والقيام مقابلها بضمان قرض فرد آخر من العائلة، وهكذا نحصل في نهاية الأمر على عشرة قروض، بعدد أفراد عائلتينا، يبلغ مجموعها نصف مليون دينار، وحيث أن مجلس الأمة يسعى جاهدا لالغاء كل قروض المواطنين، وأن عضوا بارزا في المجلس أكد له أن القروض ساقطة ساقطة، فان من المجدي المخاطرة ببعض الفوائد، في حال عدم الموافقة على القانون، وان لم يحدث ذلك حصلنا على ما يعادل مليون وثمانمائة ألف دولار اميركي....... ببلاش!
قلت للمدير ان أول وآخر قرض تورطت في اقتراضه كان عام 1965، وقمت بسداده قبل موعده، وبذلت جهدا خلال ما يقارب نصف القرن في المحافظة على سمعتي، وبالتالي لست في وارد تقبل عرضه بالرغم من كل جوانبه المغرية، خصوصا لمن عرف ومارس المغامرة المالية طوال حياته. فلا أخلاقية القرض والعرض واضحة وتتضمن نهباً للمال العام، وضميري، الذي يصفه سفهاء والبعض من الساسة، بأنه غير سوي، لا يرضى بالموافقة على مثل هذا العرض، وأن ما نشرته «القبس» على صفحتها الأولى أمس الاول عن وجود 72 ألف حالة ضبط واحضار بحق مقترضين يجب ألا يلام عليها من تقاعس في استدعاء هؤلاء وضبطهم، ولا من اقترض من هؤلاء واسترخص مال الدولة العام، بل يجب أن تكون درسا لكل من سولت له نفسه المريضة استغلال ضعف النفوس للتربح سياسيا من مثل هذه القضايا، وبالتالي على جميع المقترضين الذين غرر بهم نوابهم عدم الاكتفاء بعدم انتخابهم مرة ثانية بل بالاتفاق على صفعهم بـ 72 ألف صفعة بسبب تغريرهم بهم وسعيهم لسرقة أموال أبنائنا وأحفادنا التي سيكون الجميع بأمس الحاجة اليها عندما ينتهي نفط «الوطن»...... وليس ذلك ببعيد!!