مجرمون ومجرم سابق
كانت المواطنة (..) تعاني أمراضا نفسية. وقد فشل أهلها في تقديم العلاج المناسب لها، وهنا فكر خمسة منهم، ثلاث نساء ورجلان، في اصطحابها لتلقي علاج غير تقليدي.. وهكذا ذهبوا بها إلى «رجلي دين»، الاول أردني والثاني مصري، وبعد الفحص والبسملة والحوقلة وإشعال البخور والتمتمة ببعض الجمل غير المفيدة، أكدا لأهلها أن «نتيجة الفحص» بيّنت ان الفتاة تشكو «مسّا شيطانيا»، وان علاجها يتطلب اخراج الجنّي من جسدها، وأداة إجبار الجسد على لفظ الجني خارجا هي العصا!
وعندما اقتنع أهل الفتاة بصحة التشخيص، قاموا، منفردين ومجتمعين، بضرب قريبتهم ضربا مبرّحا، فأصابها هياج شديد من اثر الضرب، فسقطت على الأرض مغشيا عليها، وماتت بعدها بلحظات، وربما في اللحظة نفسها التي غادر فيها «الجني المزعوم» جسدها البريء من كل مس!
وقد نظرت محكمة الجنايات في الأسبوع الماضي قضية المتهمين الخمسة من اقارب الفتاة الضحية، ومعهم رجلا الدين، او الشيخان ــ كما يحبان أن يخاطبا ــ وقررت ارجاء المداولة حتى 27 لحين حضور ضابط الحادثة.
وهنا نتساءل: هل سيأتي اليوم الذي سننتصر فيه على أي عدو؟.. وحتما لا أقصد هنا اسرائيل، فالجهل والتخلف المستحكمان في امورنا وحياتنا اكبر منها بكثير، وبيننا امثال هؤلاء الجهلة السفلة.. وأليس هؤلاء، ومثلهم ذلك الداعية والامام والنجم التلفزيوني، الذي سبق ان تسبب قبل سنوات قليلة في اقتراف جريمة قتل مماثلة في حق مواطن، الذي لا نزال ننتظر منه تنفيذ تهديداته، أليسوا جميعا نتاج هذا المجتمع الذي يعتقد البعض انه اصبح اكثر عفة وفضيلة وشرفا مع الصحوة المباركة؟!
وهل أُلام إنْ قررتُ الهجرة إلى الأبد من ديار الأحبة؟!