اجعل من قلبك مصنع قلوب
ما ان انتهى المحاضر من موضوع محاضرته عن «الاخلاقيات في مكان العمل» حتى وقف أحد الحضور ووجه التساؤل التالي للمحاضر: أعمل مديرا رئيسيا في إدارة مشتريات المواد في شركة كبيرة. وقد التحقت بعملي قبل 25 عاما كمهندس متدرب، وتدرجت في عملي واكتسبت خلال هذه الفترة خبرات جيدة داخل المؤسسة. في سنوات عملي الأولى، كانت الوظيفة تشكل تحديا كبيرا لي، وكنت أستمتع بعملي بشكل كبير، ولكن مع مرور الوقت تبخر ذلك الاستمتاع وأصبحت أشعر بالملل والضيق من عملي، فلا شيء جديد بعد أن أصبحت أعرف كل صغيرة وكبيرة في وظيفتي! ولكن مع هذا، انا اعيش في البيت نفسه منذ أكثر من 40 عاما، وأنا ما أزال ابن الأب نفسه لأربعين عاما، كما أنني، ومنذ خمس عشرة سنة، أب للأبناء أنفسهم، وزوج للسيدة نفسها لفترة مقاربة لذلك، ومع هذا فإنني في هذه الأدوار الشخصية لم أشعر قط بالملل، فيرجى أن تخبرني عن سبب شعوري بالملل من روتين حياتي في العمل، وليس من الروتين نفسه في البيت؟
جواب المحاضر كان مثيرا للانتباه ومقنعا في الوقت نفسه حيث قال: يرجى أن تخبرني لمن تطبخ أمك؟ فكان جواب المدير بأنها لا شك تطبخ للآخرين. فقال المحاضر، من الطبيعي أن تطبخ الأم للآخرين، فالأم «تخدم» الآخرين، وبسبب هذا الميل للخدمة فإنها لا تشعر بالملل والسأم مما تقوم به. ولكن في المكتب فإننا نحاول تقديم «عمل»، وليس «خدمة»، فالخدمة تجعل من يؤديها يشعر بالسعادة لما يعود عليه من رضا الآخرين عن أدائه أو خدمته، فكل خدمة نقدمها للآخرين لا يمكن أن تجعلنا نشعر بالسأم والملل، وهذا هو الفرق بين العمل والخدمة.
وهنا طلب المحاضر من الجميع اعتبار عمله خدمة وليس فقط واجبا مطلوب منهم أداؤه. وهذا تحليل سليم ومسلٍ إلى حد كبير، فعندما نضع عملنا ضمن اطار ومعنى أوسع ونعتبره خدمة فإننا سنشعر حتما بالرغبة في تقديم شيء من الداخل، هنا يصبح الموقف الذي نتخذه مهما، فإن كنا نعتقد بأننا نعمل لجهة ما فإننا سرعان ما سنشعر بالانزعاج، ولكن إن قمنا بأداء ما علينا القيام به كخدمة للآخرين، وأننا نحصل على عائد ما مقابل أداء تلك الخدمة، فهذا سوف يبعد الملل عنا حتما. وعلى اي حال فإن الحرية هي أن نقوم بأداء ما نحب، ولكن السعادة تكمن في أن نحب ما نقوم بأدائه. وتقول «ارونا لادفا»: اجعل من عقلك مصنع ثلج، واجعل من شفتيك مصنع حلويات، واصنع من قلبك مصنع قلوب، وبعدها ستشعر بالكثير من الرضا.
***
ملاحظة: مترجم بتصرف من رسالة صديقة هندية على الإنترنت