الشيخ فهد.. وضرائب «الخيرية» في أمريكا
نظرت المحاكم العليا في الولايات المتحدة في ثلاث قضايا مثيرة للجدل. تعلقت الأولى بما نص عليه في دستورها عن حظر تأسيس أية مدارس دينية بأموال حكومية، ولكن تمت مخالفة ذلك وافتتاح مدرسة «ايزيدو» الكاثوليكية، المستقلة من المال العام، وسبق لمحكمة الولاية العليا أن حكمت ضد المدرسة، لأنها ممولة من المال العام، لكن ذهبت للمحكمة العليا للولايات المتحدة.
أما القضية الثانية فكانت بعنوان «محمود ضد تايلور»، التي رفعها مجموعة من أولياء الأمور، المتحدرين من خلفيات دينية متعددة، ضد مجلس إدارة المدرسة المحلية بسبب رغبتهم في منع أطفالهم من تعلم المواد المتعلقة بمواضيع مجتمع المثليين. وأن إجبار أطفالهم الصغار على الاطلاع على هذه المواد، دون إشعار أو فرصة للانسحاب، ينتهك حقوقهم المكفولة الدستورية في توجيه تربية أطفالهم، الدينية. حكمت المحكمة ضد طلب أولياء الأمور، لأنهم لم يثبتوا بشكل كافٍ أن هذه السياسة تُثقل كاهل حريتهم الدينية. وذهبت القضية للمحكمة العليا لأمريكا للبت بها.
أما القضية الثالثة فتعلقت بموضع إعفاء ما تتلقاه الكنائس والجهات الدينية الأخرى من تبرعات من الضرائب، من خلال نظام مزدوج يستفيد منه المتلقي، أي الجهة الدينية، والمتبرع. فعندما يقدّم فرد أو شركة تبرعًا لمنظمة دينية معتمدة فإن بإمكان المتبرع خصم قيمة تبرعه من دخله الخاضع للضريبة. فمثلا لو كانت أرباحه 100 ألف، وتبرع بـ20 ألفا منها للكنيسة، مثلا، ففي هذه الحالة يدفع الضريبة فقط على المبلغ المتبقي البالغ 80 ألفا! ويقوم هذا النظام على أساس قانوني ضريبي راسخ، تحصل بموجبه الكنائس والمنظمات الدينية على إعفاءات على الدخل، وهذا يعني أن الأموال التي تتلقاها هذه الجهات، أو ما تدفعه من رواتب للعاملين لديها، وما تحصل عليه من أنشطتها الأخرى المرتبطة بهدفها الديني، لا تخضع للضريبة. كما أن هذا البند من قانون الضرائب الأمريكي يمنح الإعفاء الضريبي للمنظمات التي يتم تأسيسها وتشغيلها حصراً للأغراض الدينية، أو الخيرية، أو العلمية، أو الأدبية، أو التعليمية. وتمنع مصلحة الضرائب الكنائس من تحقيق منفعة خاصة لمن يديرونها، كالقس أو عائلته. كما يجب أن تكون رواتب الموظفين معقولة. كما تمنع أمريكا الكنائس من الانخراط في السياسة والانتخابات، لكن فساد العاملين في العمل الكنسي والخيري في أمريكا معروف، ويعيش بعض من يديرون مؤسساتها كالملوك.
وقد قضت المحكمة العليا في ولاية ويسكونسن، قبل أيام، بأن عمل المؤسسة الخيرية في خدمة الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية، هو في المقام الأول عمل «علماني وخيري»، وليس دينيًا، وبالتالي لا يستحق تمتعه بالإعفاء من الضريبة، ولا يزال الأمر موضع جدال، ولم يبت به.
وفي الكويت، قام النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية، بوقف كامل أنشطة الجمعيات والمبرات الخيرية، خاصة في الخارج، ومنعها من صرف أو تلقي أية أموال لحين انتهاء اللجنة المحايدة التي تم تشكيلها للنظر في أوضاعها، ووضع قانون ينظم أعمالها، بعد تزايد حالات سوء الاستغلال التي أزكمت روائحها الأنوف والنفوس. وربما من المعقول دراسة فرض ضريبة %1 على ما تتلقاه الجمعيات من أموال، وتحويلها لبيت الزكاة، بعد إبعاد كامل إدارة هذه المؤسسة، التي لها أنشطة واسعة خارج الدولة، لا أحد خارج البيت يعرف شيئا عن حقيقتها، عن سيطرة ممثلي الأحزاب الدينية.
أحمد الصراف