غوص الوكيل ومساعده
لو قام رئيس مجلس الوزراء بالطلب من وزرائه حض وكلائهم على تقليل تصريحاتهم الصحفية، وخصوصا الفارغ منها وغير الدقيق، لما وجد كتّاب الأعمدة الكثير ليكتبوا عنه.
ففي تصريح لوكيل وزارة الأوقاف المساعد، الذي أعتقد أنه يتقاضى بدلا نقديا عن تصريحاته للصحف يساوي بدلات مشاركته في العديد من اللجان، ورد أن برنامج عمل «علماء المستقبل» يعتبر حضانة للعلوم الشرعية ويعمل وفق مقاييس الجودة العالمية (!!)، وحسب علمي فان هناك مقاييس جودة عالمية في الهندسة والبناء والادارة والدواء والغذاء وغيرها القليل، أما العلوم الشرعية فلا توجد جهة تضع مقاييسها، دع عنك العمل بموجبها! ومن الواضح أن وكيل الأوقاف المساعد إما أنه لا يعرف ما يتحدث عنه، أو أنه مدرك، ولكنه ربما يعتقد أنه يتحدث مع مجموعة من الخراف! فعلماء المستقبل هؤلاء لا يزيد متوسط أعمارهم على 16 عاما ودراستهم «الخربوطة» لا تتجاوز مدتها 3 سنوات، ولا يمكن لأي كان أن يقبل على نفسه تولي مراهق في التاسعة عشرة من عمره شؤون الافتاء، فقط لأن برنامج وكيل وزارة الأوقاف أراد له ولنا ذلك. وسبق أن كتب الزميل أحمد البغدادي (السياسة 22/7) في موضوع هؤلاء «العلماء» وسخر من المشروع، وقال ان هؤلاء الفقهاء الصغار لا يدرون بأي السبيلين يبدأون لو ذهبوا لقضاء الحاجة، فضلا عن كونهم فاقدي الأهلية ليكونوا فقهاء، فالدورة لا معنى لها لا من الناحية الشرعية ولا العقلية!
كما سبق تصريح الوكيل المساعد تصريح آخر لوكيل الوزارة نفسها، السيد عادل الفلاح (السياسة 27/5)، ذكر فيه أن وزراء أوقاف في الدول الاسلامية «أشادوا» بالتجربة الكويتية في مجال اللجنة العليا للوسطية والمركز العالمي للوسطية، وأن أهم مرتكزات الوسطية يكمن في علاج التطرف ومقارعة الفكر بالفكر ورد شبهات الارهابيين والبحث العلمي المنهجي والدراسة الميدانية و«الغوص» في جذور المشكلة(!)، ولا أدري كيف صرح الوكيل بذلك وهو على علم بأن اللجنة والمركز العالمي مؤسستان غير فعالتين أصلا ولا يعمل بهما أحد بعد أن «جفت ميزانياتهما» منذ أشهر بسبب استمرار الشفط الداخلي والخارجي لها، وأن الدول الاسلامية التي أشادت (ان صح خبر الاشادة) بالمركز واللجنة الوسطية لم تزد على 3 دول من أصل 50 دولة، وبالتحديد مصر وبروناي... وأفغانستان(!!!!)
كما يعلم الوكيل وجميع مسؤولي وزارة الأوقاف أن لا شيء، نكرر لا شيء، مما صرح به الوكيل عن انجازات المركز العالمي للوسطية، بعد ما يقارب السنوات الأربع، وصرف عشرات ملايين الدولارات، قد تحقق، غير الغوص في صناديق الوزارة للنهل من مواردها النقدية الكبيرة!
ويبدو أن السيد الوكيل نسي أو تناسى ما سبق أن أدلى به للسياسة قبل 45 يوما، عندما صرح للقبس (14/7) بأن سبب تأخير صرف رواتب موظفي مركز الوسطية لمدة ستة أشهر (نكرر ستة أشهر) هو حل مجلس الأمة وعدم اجتماع مجلس الخدمة المدنية، وأن الوزارة لن تألو جهدا في الاسراع بدفعها!
فكيف يستطيع موظفو المركز واللجنة الغوص في جذور المشكلة ومقارعة الفكر بالفكر وجيوبهم خاوية من أي راتب منذ نصف عام أو أكثر؟
نتمنى أن يفحمنا وكيل وزارة الأوقاف ومساعده، كعادتهما، بردّ يبرد قلوبنا في هذا القيظ اللبناني غير المعهود!