فيل ملك سيام الأبيض
عندما يتعلق الامر باقتناء شيء ضخم ومهم، ولكن من دون جدوى او فائدة تذكر، فإنه يوصف بالفيل الابيض. اصل هذا القول يعود الى ان التقاليد الصارمة في «مملكة سيام»، تايلند حاليا، كانت تمنع غير الملك من اقتناء الفيل الابيض المقدس، الذي يسمى «البينو»! وعندما يرغب الملك في معاقبة أي فرد من حاشيته بطريقة فعالة يقوم بإهدائه فيلا ابيض، وهذا شرف كبير بحد ذاته، لكن المشكلة تكمن في تكلفة الاحتفاظ والعناية بحيوان ضخم عظيم الشهية كالفيل! ولقدسية الابيض منه، فإنه يحرم استخدامه في أي عمل، وهنا يصبح وجوده عبئا كبيرا لا يطاق، وقد يتسبب في إفلاس من أهدي إليه، وتدمير حياته.
ولو نظرنا حولنا في الكويت لوجدنا عددا لا بأس به من الفيلة البيض التي تقف شامخة يزعج منظرها عيوننا صباح كل يوم، والتي صرفت الدولة الكثير على انشائها او تركيبها، ولكن من دون جدوى، أو فائدة تساوي ما صرف عليها، ولكنها تبقى علما على مدى سوء تخطيطنا وقلة ادراكنا، وغياب مبدأ المحاسبة من حياتنا.
فبرج التحرير الابيض اللون، الذي قمنا، على استحياء، بالاستفادة منه كفرع لمجمع الوزارات، وليس هذا هو الغرض الذي بني من أجله، يقف شامخا ليدل على سوء التصرف والتخطيط والتدبير، علما بأن تكلفته النهائية قاربت مائتي مليون دولار، دولار يقبل دولاراً!
أما جسور المرور الحديدية البيضاء، فحدث ولا حرج. فهي تخبرنا صباح كل يوم عن مدى سذاجة تفكيرنا، وفساد ذمم الكثيرين منا، وعجزنا حتى عن سؤال رئيس قسم المشتريات في الداخلية عن سبب شرائها. اما الفيل الثالث، فهو مبنى اللجنة الاستشارية العليا بجانب أرض المعارض الذي أنفقت الدولة عليه وعلى إدارته، طوال 15 عاما او يزيد، عشرات ملايين الدنانير من دون جدوى أو فائدة تذكر.
اما الفيل الرابع، فهو مبنى الصندوق العربي للتنمية الذي قاربت تكلفته مائتي مليون دولار، وقد يكون المبنى الأجمل في الكويت، ولكنه كاسمه، لا يعدو كونه صندوقا خاويا من الداخل، ولا تبرر تكلفة انشائه ما يستغل من أجله كمكاتب، او كمعْلم سياحي يراه عشرة زوار كل يوم!
وربما يكون مبنى مؤسسة البترول مبنى مرشحا لان يصبح فيلا ابيض في القريب العاجل، كما حدث مع مبنى ديوان المحاسبة القديم الذي هجرته بعد سنوات قليلة الاستخدام، إلى مبنى أكبر بكثير منه، ولم يحاسب احد ديوان المحاسبة على خطأ حساباته!
انظروا حولكم وستجدون كثيرا من الفيلة البيضاء من حولنا لا يتسع المجال لذكرها جميعا!