مدير الفندق.. مدير المستشفى.. ومعهد دسمان
أعتقد أن الوظيفة الأولى لمدير أي فندق هي توفير الراحة والعناية لضيوف الفندق، كما أن الوظيفة الأولى لمدير أي مستشفى هي توفير الراحة والعناية اللازمة لمراجعي ونزلاء المستشفى، وغالباً لا يكفي أن يكون المدير «طبيباً» ليكون ناجحاً في عمله، وبالتالي يتطلب الأمر تعيين مديري مستشفيات إما من المتخصصين في إدارتها، أو من الأطباء الذين أنهوا دورة في إدارة المستشفيات.
الأمر الآخر الجدير بالملاحظة نراه في أغلبية الهيئات والشركات الحكومية، خصوصاً التي تأسست قبل 30 أو 40 عاماً، أن تلك التي تأسست على أسس متينة وسليمة وأديرت بعقلية ناجحة استمرت على وضعها، مثل «التأمينات الاجتماعية»، بالرغم من كل ما تعرّضت له من سرقات، فإنها بقيت سليمة في ما يتعلق بتعاملها مع مئات الآلاف من مراجعيها، أما تلك التي تأسست بطريقة خالية من الاحتراف فقد استمرت عاجزة، وبقيت مليئة بالبيروقراطية والتعقيد والتخلّف الإداري، بحيث أصبحت هي تدفع المراجع للبحث عن «واسطة ما» يسهّل له إنهاء معاملاته معها، كـ«البيئة» و«الصناعة» و«الزراعة».
من الأمثلة الناجحة، التي مررت بها مؤخراً، «معهد دسمان للسكري»، المركز العلمي والبحثي والعلاجي الرائد في المنطقة، الذي تأسّس قبل 20 عاماً بدعم مادي من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، فقد سمعت الكثير عن مستوى خدماته، وطلب مني صديق الكتابة عنه، فقررت زيارته والقيام بفحص السكري لديه، لمعرفة كيف يقوم بالتعامل مع المراجع، فوجدت معاملة مميزة، بالرغم من أنني غير مصاب بالسكري، ودهشت بالفعل من رقي التعامل، في أجواء نظيفة وخالية من العمالة العاطلة، المرتخية على مقاعد مكسورة، وخرجت بانطباع أن الطريقة التي يدار بها تجعله في مصاف أية مؤسسة غربية متقدمة، فسعيت للقاء إدارته، وكان الأخ طارق العريان، المدير في المعهد، خير عون، وعلمت عن طريقه الكثير عن منجزات وأعمال المعهد، كما علمت تالياً، من مصادري الخاصة، ومن استنتاجاتي، أن السلاسة التي يعمل بها المعهد، وأجواء الراحة والنظافة والاحتراف، التي يُدار بها، تعود لمؤسسه الأول د. كاظم بهبهاني، أول مدير عام للمعهد، الذي وضع فيه، خلال 14 عاماً، أسس نجاحه، وكانت صلبة بما يكفي لتبقى حتى اليوم، بعد أن حافظ عليها د.قيس الدويري، الذي خلفه عام 2020 في منصبه، ليكمل المهمة مؤخراً د.فيصل الرفاعي.
كما كان الفضل الثاني، وربما الأهم، لنجاح المعهد يعود لـ«مجلس الأوصياء»، الذي ضمن الرقابة على أعماله، وعلى حسن سير العمل فيه، ويا حبذا لو تقوم الحكومة بتعميم تجربة معهد دسمان للسكري على بعض هيئات الدولة الخربة والمهلهلة، ولا حاجة لذكرها، التي ولد أو بدأ خرابها على يد أول من أسسها، واستمر ذلك الخراب حتى يومنا.
نختم بالقول إن بلوغ «معهد دسمان للسكري» لمستواه العالمي، وحصوله على جوائز عدة وإشادة من جهات محلية وإقليمية، وحتى عالمية، لم يأتيا من فراغ.
أحمد الصراف





