أعداؤنا: إسرائيل وإيران وأميركا
سأل أحدهم صبيا أعرابيا اشتهر بذكائه ان كان على استعداد لبيع عقله مقابل ألف درهم، فهز الصبي رأسه رافضا العرض بالرغم من كبر المبلغ، وصغر عمره النسبي، وعندما سئل عن السبب قال: أخاف أن تذهب قلة عقلي بالألف درهم ..فأبقى بلا عقل ولا دراهم!
ضاع نصف فلسطين في حرب 1948 بسبب تشرذم قيادات الجيوش العربية، وتخلف أنظمتنا الادارية والعسكرية والاقتصادية، وانتشار الأمية والفقر والمرض بين شعوبنا! وعندما ضاع النصف الآخر من فلسطين، ومعه كل سيناء وهضبة الجولان وأراض أخرى، كانت الهزيمة للأسباب ذاتها. وعندما التحمت جيوشنا وفدائيونا ومقاتلونا معهم للمرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة كانت الهزيمة من نصيبنا بسبب تشرذم قيادات الجيوش العربية، وتخلف أنظمتنا الادارية والعسكرية والاقتصادية، وانتشار الأمية والفقر والمرض بين شعوبنا(!)
يقول البعض أن عدوتنا الحقيقية هي ايران، قبل أن تكون اسرائيل! ويؤيد الكثيرون هذا الرأي ويشتهونه أكثر! ويرى غيرهم، ومنهم قادة القاعدة، أن أميركا هي أس البلاء والعدو الأكبر الذي تجب مواجهته وقتاله. ولكن قلة منبوذة فقط ترى أن العدو الحقيقي كامن فينا، فالعامل المشترك في خسارتنا لكل حروبنا مع اسرائيل كان دائما تخلفنا وباقي أمراضنا الاجتماعية، ولا تزال هذه الأسباب باقية، وستبقى مصدر هزيمة لنا في كل معركة داخلية أو خارجية نخوضها، الى أن ننتبه إلى حالنا وننهض من هذا السبات العميق الذي سيقضي علينا لا محالة. فبغير التعليم المميز والنهوض الاقتصادي لا يمكن أن نحرك شعرة في اسرائيل وكيانها العسكري، ولن نحصد غير المزيد من الخسائر في الأرواح والمزيد من المعاقين والمزيد من الفقر والخراب والتدمير والأمراض والتشريد والتهجير!
لنلقي المثالين التاليين عما نعنيه بالتخلف:
الكويت كمثال، تعتبر نفسها دولة متصدية بقوة «للعدو الصهيوني»، على الأقل ماليا، ولكن مع هذا فان حكومتها وشعبها، وبعد 75 عاما أو أكثر من التعليم الرسمي المنتظم وأكثر من مائة وخمسين عاما من الاحتكاك المباشر والمستمر بكل حضارات العالم، قبلوا طائعين بأن يسيروا ضد مسيرة التاريخ، وأن يعاد بهم إلى ثقافة الصحراء! ففي آخر حفل تكريم للطلبة والطالبات المتفوقين، الذين يفترض أنهم يمثلون «كريمدولاكريم» المدارس، وجدنا أن جيلا كاملا تربى على رفض الذكور فيه السلام باليد على الإناث، ورفض الإناث القيام بالأمر ذاته، ولكن لأسباب مختلفة!
ولو ذهبنا إلى المثال الآخر لوجدنا أن حركة طالبان منعت، ابان حكمها، تعليم الفتيات في المدارس، وأغلقتها وحولتها إلى مستودعات أعلاف وخشخاش! وعندما دحرتها قوات التحالف عن كابول وبعض المدن الكبرى، استمرت في اتباع السياسة نفسها في مناطق نفوذها وأرسلت أعوانها إلى المناطق الأخرى لمنع تدريس الفتيات عن طريق تشويه وجوه البعض منهن بمياه النار! أما طالبان باكستان فقد قامت أخيرا بتفجير مباني 200 مدرسة للاناث في مقاطعة «سيرات» وحدها لمنع الحكومة قسرا من توفير التعليم للفتيات!
وهناك عشرات الدول العربية والاسلامية الأخرى التي إما تشارك الكويت في نظرتها أو حركة طالبان في مواقفها، وهناك نواب في البرلمان الكويتي لا يزالون «يتشرفون» بتمثيلهم للحركة في الكويت. فاذا كنا، في غالبيتنا، لا نزال مجتمعا ينظر نصفه بشك كبير إلى نصفه الآخر، ويتجنب حتى النظر إلى وجهه، ويعتقد أن الحرام والرذيلة والنجاسة تكمن في الآخر، وأن المرأة لا تستحق حتى أدنى درجات التعليم، لكونها جالبة للمضرة والمفسدة، فكيف يمكن أن ننتصر على اسرائيل ومن بعدها، أو قبلها على ايران ،وأثناءها على أميركا، ونحن بمثل هذا الهوان والتفرق والتخلف؟
•••
ملاحظة: أرسل إلي الصديق ناصر الكندري صورا لمدينة «هيروشيما» قبل سقوط القنبلة النووية عليها ،وبعد الدمار ،وصورتها الآن! ولا يمكن طبعا اجراء اي مقارنة بين الصور الثلاث لكبر وعظم الفارق بينها، ولا يمكن تصديق ان الصور الثلاث لمدينة واحدة! وهنا سألت نفسي عما سيكون عليه حالنا واوضاعنا لو كنا نحن _لا اليابانيون-ضحية تلك القنبلة، ولم يتواجد النفط في دولنا النفطية الحالية التي تزيد على العشر؟ مجرد سؤال خال من البراءة، وأترك الجواب لخيالكم الخصب!