أنا كشيعي..!!!
يقال إنه، بعد ما يقارب الثلاثمائة عام من الدولة المدنية المنفتحة، تحولت الكويت، رسميا، بفضل مخرجات انتخاباتها الأخيرة، الى دولة بنظام تشريعي ديني قبلي صرف، ليس فيه للرأي المتسامح مجال ولا للعقل المنفتح مكان! كما يمكن وصف مخرجات الانتخابات الأخيرة بأنها الأسوأ والأكثر تخلفا في تاريخ الكويت الديموقراطي القصير نسبيا من حيث نوعية غالبية من تم انتخابهم.
ولكن هل هذا صحيح؟ غالبية الظواهر تبين، لا بل وتؤكد، ان الأغلبية هي التي فازت، وفاز معها الدين والوطن!!
فأنا كمواطن شيعي أعتبر، ومن دون أدنى شك، أنني على حق في عقيدتي، والآخرون على خطأ، ولو كان الأمر غير ذلك لما ترددت في التخلي عن هذا المذهب، خصوصا أن لا شيء يمنع ذلك. وبالتالي أشعر بأن وطني قد فاز معي فوزا عظيماً عندما تعزز تمثيل طائفتي في مجلس الأمة الجديد. كما أؤمن كذلك بأن هذا الفوز سيجير لمصلحة ديني الاسلامي، وان أي فوز سياسي إضافي للشيعة سيكون أيضاً في مصلحة الدين الصحيح!!
وأنا كسلفي سني أشعر بإيمان قوي بأنني عقائدياً على حق، والآخرون على باطل، ولو كان الأمر عكس ذلك لما ترددت في ترك هذا المذهب. كما أؤمن بأن مكانة مذهبي، وبالتالي عقيدتي قد قويت وتعززت يوم اختار «الشعب» زيادة عدد نواب السلف في مجلس الأمة، فهذا النصر سيجير حتما لمصلحة وطني والعقيدة الحق التي أتبع.
وأنا كقبلي صلب أؤمن، كما سبق أن آمن مؤسسو «جنرال موتورز» بأن كل ما هو في مصلحة الشركة هو في مصلحة الولايات المتحدة، بأن ما هو صالح لقبائلنا هو بالتالي صالح للعقيدة. وان الزيادة الكبيرة الأخيرة في عدد «ممثلينا» في مجلس الأمة هو حتما في مصلحة هذه الأرض وهذا الدين الحنيف، وليس في ذلك ريب ولا شك!!
فإذا كان أتباع هذه الفئات الثلاث، الممثلون لـ 90% من الشعب راضين عن نتائج الانتخابات الأخيرة فما الذي يدفع البعض، ونحن منهم، لعدم القبول بنتائجها؟
ولكن مَن م.ن هؤلاء على حق ومن منهم على باطل؟
لا شك في ان كل طرف يشعر بصدق انه على حق، سياسيا ودينيا، وبالتالي من حقهم جميعا الاعتقاد بأن فوز ممثلي طائفتهم أو مذهبهم أو حزبهم أو قبيلتهم سيصب في نهاية الأمر في مصلحة الكويت وشعبها وقبل ذلك في مصلحة الاسلام الحنيف!!
نترك استنتاج المغزى من موضوع المقال لذكاء القراء> هذا إذا بقي لدى غالبيتنا أي شيء منه، بعد أن مسح التعصب القبلي والطائفي والديني كامل آثاره من عقولنا عندما صوتنا للعمامة واللحية الطويلة والجلباب القصير، وفي خضم كل ذلك نسينا.. الوطن!!