عطونا أميركا!
لو قال لك من لا يدري بأن على الكويت الاتجاه لصنع المركبات ذات الدفع الرباعي، لان صانعي السيارات في اميركا اكتشفوا من خلال الدراسات والابحاث وخبراء الطرق، ان هذا النوع من المركبات اكثر امانا واقل تعرضا للحوادث من غيرها، لما تمالكت نفسك من الضحك، لان الكويت لا تصنع اي مركبات اصلا، فكيف يكون لها ترف التحول نحو صناعة السيارات الدفع الرباعي.
•••
زميلنا عادل القصار، العائد مشافى ومعافى، من رحلة علاج في الولايات المتحدة الاميركية، كتب مقالا قبل ايام انتقد فيه «المغرمين بالغرب» بسبب اخذهم كل شيء منه، الا فيما يتعلق بـ «القيم والآداب والتقاليد والمحافظة»!، وحيث اننا من المغرمين بالغرب فاننا نشكر تحيته لنا فيما يتعلق بقيمنا وآدابنا!، اورد في مقاله ذلك جملة اقوال ومؤشرات ودلائل، خلص منها الى ان هناك اتجاها قويا في اميركا نحو فصل الذكور عن الاناث في مختلف المراحل الدراسية، وان الفصل اكثر جدوى نفسيا ودراسيا!
لا نود هنا الطعن والتشكيك في ما اورد الزميل من نتائج وتحليلات، فهناك تحليلات وآراء معارضة لها بالكم نفسه، ان لم تزد عليها، لكن لضيق المساحة، فاننا سنتجنب ذكرها.
لكن لو افترضنا صحة ودقة استنتاجات الزميل فيما يتعلق بمضار الاختلاط، فانها تبقى نتائج صالحة لمجتمع وبيئة محددة ضمن ظروف ومعطيات محددة ايضا، وبالتالي قد تصلح لمكان ومجتمع ولا تصلح لغيره! فالمجتمع الاميركي، اساسا، مجتمع منفتح وحر، ودستورهم رسخ القيم الديموقراطية منذ اكثر من قرنين، ومواده اقرب للعلمانية منها لأي شيء آخر، هو يعطي، ضمن حريات كثيرة اخرى، لولي الامر حرية اختيار نوعية التربية والتعليم التي يراها اكثر ملاءمة ومناسبة لابنائه من دون تدخل من الدولة، كما ان خيارات التعليم والتدريس في اميركا متوافرة للجميع من دون عوائق او تدخل حكومي، اضافة الى ان مستويات التعليم هناك هي الاعلى في كل مجال ونطاق، وعلى الرغم من كبواتها الاخيرة!
ما نود قوله هنا وباختصار، اننا على استعداد لمجاراة الزميل في ما ذكره من افضلية فصل الجنسين في الفصول الدراسية، وحتى خارجها، كما ذكرت الدراسات والمؤشرات والدلائل الاميركية الغربية التي اوردها، كما اننا على استعداد لمساعدته على تطبيق ذلك في الكويت!، ولكن قبل القيام بذلك، نحتاج الى توفير بيئة ديموقراطية دستورية حرة كالبيئة الاميركية العلمانية التي اجريت فيها تلك الدراسات! كما نحتاج الىالقدر نفسه من حرية الاختيار المتاحة لولي الامر والخيارات التعليمية نفسها، والتعدد الواسع لنوعيات المدارس نفسه، وبعد كل ذلك له ان يطلب ما شاء!
اضافة الى ذلك ليس من المقبول اخذ جانب واحد من «مثاليات» المجتمع الاميركي، التي تصادف انها تناسب اهواءنا الدينية في فترة زمنية محددة، ونترك المثاليات الاخرى، فقط لانها لا تتفق و«عاداتنا وتقاليدنا»!
فالغرب ليس صحن فاكهة في وليمة بحيث نختار منه نوعا محددا يتلاءم وذوقنا وندافع عنه ونصفه بالاحسن، ونترك انواع الفواكه الاخرى فقط لاننا لا نحبها.. لاسباب سياسدينية!!