من هو البطل؟
لا توجد دولة تخلو من الفساد الاداري والامني في العالم، ولكن هناك تفاوتا بين ما يجري في دول كمصر والهند وبين فساد السويد والنرويج وسويسرا مثلا. ونحن هنا لانشتكي من الفساد في الادارة الحكومية الكويتية بقدر شكوانا من انحدار مستواه لأتفه المبالغ واقل الامور جدوى!
ورد في 'الوطن' (11/7) ان ادارة الرقابة في وزارة التجارة تمكنت في اليوم السابق للنشر من ضبط 7 اطنان من الطحين المدعوم تباع في عدد من المحلات التجارية! اي مائة كيس تقريبا! علما بأن هذه المواد المدعومة 'غيرمخصصة للبيع'!! كما اعلنت الجهة نفسها عن تحرير 96 مخالفة في محافظة واحدة تتعلق برفع اسعار المواد!
ربما قرأت مثل هذا الخبر، او ما يماثله والمتعلق ببيع اعلاف ومواد غذائية مدعومة لاكثر من مائة مرة في السنوات الخمس عشرة الماضية، ولكني لم اقرأ، او اسمع ولو لمرة واحدة عن صدور حكم على متاجر بهذه المواد او متلاعب بالاسعار او متسبب في زيادتها!
وهذا يعني واحدا من ثلاثة احتمالات:
إما ان الجهة الرقابية لا صلاحية لها في تحويل المتسببين بسرقة مال عام إلى النيابة العامة للاقتصاص منهم وجعلهم عبرة لغيرهم، وبالتالي لا فائدة اصلا من وجود ادارة للرقابة في التجارة.
وإما ان القضايا تموت مع تدخل نائب هنا او متنفذ هناك لتنتهي القضية بالحفظ، او ان الاحكام تصدر تباعا وبانتظام، وعدم اطلاعي عليها لا ينفي غيابها او عدم صدورها، وهنا يتطلب الامر مني الاعتذار.. ولكن!
بيع مادة مدعومة بسعر اعلى في السوق يعني سرقة علنية وتحقيق ربح على حساب المال العام، ولهذا المال حرمته وتحميه قوانين متشددة، ويمكن ان تكون رادعة جدا لو وضعت موضع التطبيق. فتجرؤ صاحب زريبة على بيع حصته من اعلاف مدعومة، او قيام صاحب مخبز ببيع نصيبه من الطحين المدعوم في السوق وتحقيق التافه من الربح، نسبيا، وقيام اطراف اخرى عالمة بطبيعة تلك المواد بنقلها بمركباتهم او ادخالها في حسابات المتجر او الشركة يعني انهم جميعا غير عابئين بالقصاص، علما بأن كافة هذه المواد معروفة من علاماتها التجارية او مدون عليها ما يفيد بعدم جواز المتاجرة بها، وتجرؤ كل هذه الجهات وتورطها بنقل وعرض وبيع مواد مدعومة جهارا نهارا، على الرغم من ان القانون يحرم المتاجرة بها، يعني ان هناك قوى ذات نفوذ وفاسدة تقف خلفهم وتساندهم لتحقيق التافه من الارباح، او ان ما في الجعبة اكبر من ذلك وما نراه على السطح لايعدو ان يكون رأس جبل الجليد الظاهر!!