المطار مرة أخرى
لا أدري ما الجهة التي كان لها التأثير الأكبر في تعيين السيد فواز الفرح رئيسا للطيران المدني، ولكن أيا كانت فقد أحسنت الاختيار!!
قمت قبل أيام بانتقاد طريقة خروج القادمين إلى مطار الكويت وكيف أن البعض منهم يحتار في أي مخرج يسلك عند الخروج من الجمارك بسبب تشعب الممر لفرع يسار وآخر يمين. وقد فاجأني الأخ فواز باتصال هاتفي بين فيه ملابسات مشكلة الاتصال بيننا. كما شرح أمورا كانت خافية علي. وفي اتصال آخر أوضح الجانب الطيب في شخصيته من جهة، ومن جهة أخرى بين استعداده التام لمناقشة المشكلة والبحث عن حلول مناسبة لها. ونأمل أن نشاهد في الأيام القليلة القادمة حلا حضاريا للوضع غير المقبول في صالة القادمين.
من المشاكل التي تشكو منها الكثير من الدول المتخلفة هي عدم اهتمام مواطنيها والمقيمين فيها، أو عدم ثقتها، في ما تبثه أجهزة الإعلام الرسمية من إذاعة أو تلفزيون أو حتى شاشة معلومات في مطار أو إدارة حكومية!! ولكن لو ذهب المواطن نفسه إلى جهة خاصة فإنه عادة يقوم بالتصرف عكس ذلك.
فظاهرة ذهاب عشرات الأشخاص للمطار لاستقبال قادم واحد ظاهرة متخلفة لا يمكن عمل شيء إزاءها، وعلى سلطات المطار التأقلم معها، فهذا الشعب يعتبر الذهاب للمطار لاستقبال عائد من رحلة عمرة أو سفر قصير للعلاج، أو عودة ابن من دراسة، أمرا يستحق تظاهر العائلة أو القبيلة من أجله!! وتزيد تراجيديا التخلف قمتها عندما يقوم هؤلاء بإغلاق ممر الخروج لتبادل القبلات والعناق والبكاء والسؤال عن الصحة... ووراءهم عشرات المسافرين وحقائبهم في انتظار انتهاء حفلة الدموع و'البوس' هذه لكي يمروا!!
ومن الظواهر السيئة الأخرى تكالب المستقبلين على الحواجز لساعات أحيانا وعدم اهتمامهم باتباع ما هو مدون على شاشات التلفزيون عن مواعيد وصول الرحلات.
كما تحرص الكثير من العائلات، مواطنين ومقيمين، على اصطحاب أطفالها للمطار، وكأن الأمر نزهة، وتركهم لكي يمارسوا ألعابهم وركضهم وصراخهم في ساحات المطار، وبالذات في المناطق المحرم على المستقبلين التواجد فيها، وكل ذلك يجري أمام عيني وأنف 'الشرطي'، المكتوف الأيدي والأرجل من دون أن يحرك ساكنا!!
إن هذه كلها ظواهر مؤسفة ولا مبرر لاستمرارها. فالناس، وفي أي منطقة أو دولة كانت، لا يتعلمون من تلقاء أنفسهم، ويحتاج الأمر في جميع الأحوال تدخل الدولة أو المشرع لتعديل هذا السلوك أو هذا التصرف، ليتوافق مع المصلحة العامة.
إن سلطة المطار مدنية وتتحرك ضمن نطاق ضيق لا يمكن تجاوزه، وهي بالتالي محكومة بسعة أو ضيق الفضاء الممنوح لها. ولو نظرنا لأعمال التوسع التي أجريت على المطار، وهي الأولى منذ 20 عاما، لوجدنا أنها أصبحت غير كافية ومتأخرة بعشر سنوات، وهذا لا يعود لفشل فكرة من كان وراء مخطط أو برنامج التوسع، بل بسبب تسارع عملية النشاط التجاري في الدولة بعد عملية تحرير العراق بشكل فاق توقع أي جهة.
وعليه فيجب تدخل الجهات الأمنية بقوة لفرض النظام في المطار وإتاحة الفرصة المناسبة للجميع لمشاهدة من أتوا لاستقباله من دون الاضطرار 'للبهدلة' والإحراج وشم غير المستحب من الروائح!!