جمعيات التسعة ملايين دينار (2/2)
ورد في تقرير المجلس الاعلى للتخطيط أن اكبر 6 جمعيات دينية خيرية، على الرغم من قلة عدد اعضائها، الذي لا يتجاوز 382 عضوا، لا تعرف المنافسة الديموقراطية الحقيقية، فمعظم الاعضاء يفوزون بالتزكية ومن دون انتخابات فعلية، ولا ادري لماذا لم تنتبه الدراسة الى حقيقة ان هذه الجهات المتزمتة دينيا لم تؤمن قط بالديموقراطية كأسلوب حياة ولا بالانتخابات الحرة كشرط لها.
فتراثها الفكري يخلو منها، فالسيف عندها اصدق انباء من الانتخاب! واوضح دليل على ذلك ان احدا لم يجرؤ قط على منافسة حسن البنا او مساءلته.
ورد في التقرير كذلك أن ارصدة الجمعيات الخيرية الست الكبرى مجتمعة تبلغ 9 ملايين دينار، اما مصروفاتها فكانت 2 مليون تقريبا، وان هذه المبالغ 'الكبيرة' لا تخضع لاي رقابة فعالة ولا يعرف كيف يتم التصرف بها!
وهنا مكمن الخطر في الموضوع وخطأ الدراسة الاوضح! فحسب أكثر التقديرات تحفظا فإن حجم اموال الجمعيات الخيرية لا يقل عن المليار دولار.
ورقم الملايين التسعة لا يمثل الا رأس جبل الجليد، فالكثير من الاموال التي قامت الجمعيات بجمعها في السنوات العشر الماضية كانت توضع في حسابات مصرفية شخصية باسماء 'دعاة ورجال دين' محددين وليس هناك اي دليل على قيام جميع هؤلاء بتحويل ارصدة هذه الحسابات لجمعياتهم الخيرية! وقد سبق ان كتبت بصريح العبارة، وفي اكثر من مقال، وذكرت الامر نفسه في 3 مقابلات تلفزيونية أن احد الرجال قام لسنوات ببيع سنابل فضية ب 250 دينارا وذهبية ب 500 دينار، حتى وصل رصيد احد حساباته في يوم ما الى عشرات ملايين الدنانير، بحسب شهادة رئيس سابق لأمن الدولة!
فإذا كان بإمكان فرد واحد جمع مثل هذا المبلغ فهل يصدق عاقل أن ارصدة اكبر 6 جمعيات خيرية لا يزيد على 9 ملايين دينار؟! هل نحن بمثل هذه السذاجة لكي نصدق ذلك؟ وهل كانت زيارات وفد وزارة الخزانة الاميركية المتعددة للكويت لاقناع حكومتها بضرورة مراقبة مبلغ 9 ملايين لا يكفي لشراء نصف دبابة، او تدريب وتسليح فرقة ارهابية مكونة من 50 مقاتلا؟
الأمر الخطير الاخر الذي لم يشمله التقرير يتعلق بحقيقة حجم ممتلكات هذه الجمعيات من عقارات مدرة وأسهم واستثمارات تجارية وصناعية!
فكيف فات 'النخبة' التي اعدت التقرير هذه الحقائق البسيطة؟
ورد في التقرير ايضا ان عدد اعضاء جمعية الاصلاح لا يزيد على 108، علما بأن الجمعية تأسست قبل 60 عاما تقريبا! فكيف استطاعت جمعية بهذا التكوين البشري الضئيل القاء كل هذا الرعب في قلب الحكومات طوال العقود الثلاثة الماضية، بحيث اصبح من الصعب تشكيل حكومة بغير رضاها.
الامر ذاته يسري على جمعية التراث التي يبلغ عدد اعضائها 130، والنجاة 50 عضوا، والتضامن 22 والنوري 55 اما العون المباشر، التي تمر ادارتها الحالية بظروف نفسية سيئة نتيجة ما حام ويحوم من لغط ثقيل يتعلق بتصرفات ادارتها الافريقية السابقة، فإن عدد اعضائها لا يزيد على 17 فردا يتحكمون بملايين جمعت من خلال استغلال صور اطفال افريقيين.
واشار القائمون على الدراسة 'الحكومية' وبسذاجة مفرطة، الى ان الجمعيات لم تتعاون معهم، خصوصا ان بعضها غير مرخص به! ولا ادري كيف توقع هؤلاء من 'جمعيات اشباح' غير مرخصة التعاون معهم! فمن ليس موجودا لا يطالب بالتعاون، وليس مجبرا عليه، كما ان هذه الجمعيات لو لم يكن لديها شيء تخفيه وتخاف عليه لما رفضت التعاون اصلا!!
دعونا نر ما سيقدم مجلس الوزراء على ضوء هذا التقرير الفضيحة!!