أحد طريقين
مشكلة التطرف ليست في كبار السن ولا مع المبرزين في اللغة ولا مع عامة الناس، بل هي مع مجموعة الشباب المتطرف دينيا والذين غرر بهم وغسلت، او بالاحرى اتلفت عقولهم، بمجموعة من الاوهام المتعلقة بما سيلقونه او يكافأون به ان هم ماتوا في حرب مقدسة ضد اميركا، او اي من حلفائها. كما تكمن المشكلة كذلك في رجال الدين الذين تخصصوا في تخريب عقول هؤلاء السذج.
ويبدو ان وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية لا يعلم الجهة التي يجب مخاطبتها فيما يتعلق بموضوع الوسطية، وهو الموضوع الذي انشأ 'المركز العالمي لنشر الوسطية' الذي يشرف عليه بمساعدة وزيرالاوقاف السوداني السابق، والاخواني الحالي، والذي خصه الوزير من حر مال الشعب بمبلغ يقارب المائتي مليون دولار حتى الان، حيث اعلن الوزير عن نية المركز اقامة ندوة في نهاية الشهر الجاري، في الكويت هذه المرة، بعد ان فشل 'المركز' في تحقيق اي شيء 'اطلاقا' فيما يتعلق بمشروع الوسطية الهلامي في اميركا واوروبا، حيث عقدت مؤتمراته السابقة، وقال ان المؤتمر سيعقد تحت عنوان: 'الافتاء في عالم مفتوح، الواقع الماثل، والامل المرتجى'.
وفي محاولة لشرح المقصود بعقد ندوة 'عالمية' تحت هذا العنوان 'الكوني' ذكرت الاوقاف، او امانتها الوسطية بالاحرى، انه سيعالج (ولم تقل سيناقش) القضايا التي تتعلق بمفهوم الفتوى وآدابها والتفريق بينها وبين القضاء الى جانب التعريف باتجاهات الافتاء القديمة والحديثة، وتوضيح سبل العلاج وآثار الفتوى السلبية والتأكيد على دور المجامع الفقهية والاجتهاد الجماعي في معالجة المستجدات والنوازل (!!) والتنبيه الى المحاذير والمزالق في الفتوى والآثار المترتبة على الوقوع فيها، ومن ثم القاء الضوء على واقع الفتوى عبر وسائل الاعلام المعاصرة.. الخ.
***
امام الوزير احد طريقين: اما دعوة جميع الفرق والاتجاهات الاسلامية للمشاركة في هذا المؤتمر ذي الهدف الكوني الذي سبق وان حير المصلحين لقرون، ولم يتوصلوا لشيء فيه. او الاكتفاء بدعوة عدد محدد من المشاركين تلافيا لاي احتمال ببروز خلافات شديدة بين المشاركين.
وبالتالي استطيع الحكم على المؤتمر بالفشل مسبقا، دون تردد. فان هي دعت الجميع، وهذا ما هو مطلوب، فخلافات المشاركين الفقهية وتفسيراتهم الدينية لكل كلمة وحرف تتعلق باعمال المؤتمر ستفشله حتما وسوف لن يخرج بغير مجموعة من التوصيات المطاطة التي تحتمل اكثر من معنى، وهذا يعني اننا لا طبنا ولا غدا الشر.
او ان الوزارة ستكتفي بتوزيع الدعوات، وما يعنيه ذلك من سفر على الدرجة الاولى وضيافة خمس نجوم لمجموعة من رجال الدين معروفي الاتجاه والفكر، ليخرج المؤتمر بعدها بتوصيات اكثر وضوحا ودقة من سابقتها ولكنها في نهاية الامر سوف لن تعني شيئا لاحد، ولا حتى لمن اصدرها!!
فيا وزير الاوقاف حل امانتك ووفر اموال الدولة، فالكثير من المشاريع الحيوية احق بها المال من هذا الهدر غير المبرر!!