عين الأمن الحولاء
قام عدد كبير من مخالفي قوانين الإقامة والعمل، من عرب وآسيويين، باستغلال ساحة حكومية تزيد مساحتها على عشرة آلاف متر مربع في خيطان كسوق خضار وفواكه ولحوم وأسماك، إلى جانب مواد كثيرة أخرى غير مرخصة. وبالرغم من تعدد وتنوع مخالفات هذا السوق من صحية وأمنية وتجارية، فان 'بلدية الواوية' لم تتحرك إلا أخيرا، وربما بطلب من قوى أمن الفروانية، التي اعترفت بانها تقوم بهذه المداهمة لأول مرة!
شخصيا، أشك في ان قرار المداهمة صدر لدواع خاصة لا علاقة لها بالأمن أو الصحة، وان وراء القرار جهات تعطلت استفادتها من السوق لسبب أو لآخر. فسوق بهذا الحجم ومخالفات بهذا الهول لا يمكن أن تغيب عن أعين قوى الأمن التي توصف دائما ب 'الساهره'! وبالتالي من المفترض ان هذه العين كانت ترى كل ذلك الكم الهائل من المخالفات، ولكنها لم تتحرك لسبب محدد! فان يقوم قائد أمن محافظة الفروانية، وهو برتبة عميد، ومساعده العميد أيضا، ومعهما رئيس الحملة وهو عقيد، تعاون كل هؤلاء فرقة كبيرة من رجال الأمن بقيادة رؤساء ثلاثة مخافر، اثنان منهم برتبة مقدم وثالث برتبة رائد، يقوم كل هؤلاء بآلياتهم وأسلحتهم بتطويق المنطقة، والخروج بحصيلة 19 مخالف إقامة فقط.. أمر لا يمكن تصديقه!!
فذلك السوق غير القانوني كان يدار لسنوات من قبل أكثر من مائة بائع، حسبما قيل لي. وحيث انهم يعملون جميعا في بيئة مخالفة لكل قوانين العمل والتجارة والصحة، فجميعهم بلا استثناء 'مخالفون'! فأين هرب بقية المخالفين، وكامل منطقة السوق كانت مطوقة؟
إن مجرد القاء القبض على 19 مصريا وبنغاليا مخالفا لقانون الإقامة لا يحتاج الى كل هذا العدد الكبير من حملة الرتب العسكرية العالية. فحافلة نقل ركاب عسكرية مع ثلاثة عسكريين بإمكانهم الخروج بهذه الحصيلة دون ضجة إعلامية!
أكتب والألم والاحباط يملآن نفسي. فكمواطن وكرجل أعمال، أقوم وغيري سنويا بدفع عشرات الآلاف من الدنانير كرسوم لتجديد إقامات العمالة الموجودة لدي. كما أقوم بدفع مبالغ مقاربة لذلك للحصول على شهادات صحية تثبت خلوهم من الأمراض المعدية وما يعنيه ذلك من جهد ووقت ضائعين، إضافة إلى ما يعنيه ذلك من زيادة تكلفة بضاعتي.. ثم يأتي بعدها نائب أو شيخ أو عضو مجلس بلدي داثر، أو حتى عسكري ويشمل مثل ذلك السوق برعايته الكريمة ويتوسط هنا وهناك لغض النظر عنه لفترة ما ومع مرور الوقت يصبح من الصعب إزالته.
إن وزارة الداخلية مطالبة بتوضيح هذا التسيب في عمليات المداهمة، وتوضيح الأسباب التي منعت 'عين الأمن الساهرة' عن ملاحظة كل مخالفات هذا السوق لسنوات، وقبله 'سوق سوادي'، وعشرات أسواق الخضرة المخالفة الأخرى التي تنتشر هنا وهناك. وإذا كانت الداخلية عاجزة عن التوضيح بسبب وجود ماء في فم المسؤول، فإننا نتمنى على الوزارة التوقف عن استخدام شعار: 'عين الأمن الساهرة'!