النقد الفكري والشيخ الأزهري

يقول الكاتب السعودي المستنير، ابراهيم البليهي، في مقال له نشر قبل ايام في 'الرياض': '.. ان النقد الفكري' هو محرك الابداع ومنبع الانتاج وصانع الازدهار، وهو الذي ايقظ العقل البشري من كهفه وإنني حين أتتبع خطوت نقد المسلمات في الفكر الانساني فإن الذي يعنيني من ذلك هو إظهار الفاعلية العظيمة لهذا العامل المحرك، وتأكيد الضرر الفظيع للمسلمات الخاطئة التي تعطل عقل الفرد والمجتمع. وبالتالي من الضروري إبراز أولوية النقد كشرط مبدئي لازدهار المجتمع وتطور الحضارة'.
***
أكتب ذلك بمناسبة الجدال الفقهي الذي أثاره الشيخ الأزهري المصري المتشدد يوسف البدري عندما اعلن خلال خطبة الجمعة قبل فترة (الهدف 2007/3/3) من ان اسماء الله التي نرددها دائما كثير منها، غير صحيح وبالتالي واجب الحذف والطرح وان غيره اولى بالاثبات والقبول، وأبدى الشيخ الأزهري حسرته على العباد الذين حرمتهم غفلتهم من تحري الصحيح من اسماء ربهم!
يمكن القول، مع الفارق، ان هذا هو نوع من 'الفكر النقدي' الذي طالما حرمنا انفسنا من العمل به، وادى ذلك، بطريقة غير مباشرة، الى حالة الشلل الفكري التي اصابتنا وأدت الى تأخرنا في كل مجال وميدان. فقد كان المسلمون مثلا، يعتقدون، ولقرون طويلة من دون تفكير او تردد، ان اسماء الله التي تردد في الاغاني والاناشيد الدينية التي تكتب على اسوار المدارس وتزين بها اسقف وحوائط الصالات والمساجد وقاعات الاحتفالات وتدون على الكثير من المباني العامة وتنقش على اللوحات والصحائف هي بالفعل اسماء 'صحيحة' ومتفق عليها من الجميع، ولكن تبين من دراسة الشيخ البدري واجتهاده عدم صحة غالبيتها! وهذه واحدة من المسلمات التي أطاح بها نقد فكري بناء صدر من عقل لم يقبل السكوت عن امر ثبت عدم صحته ولو كان امرا متفقا عليه منذ اكثر من ألف عام، او يزيد!
فهذه الاسماء، حسب قول الشيخ، هي الاسماء التي استطاع الوليد بن مسلم القرشي وهو من موالي بني أمية، والمتوفى في عام 195 هجرية، جمعها، ويعتبر احصاؤه لها هو المتداول منذ ذلك الوقت.
لست فقيها في اي امر، وبالذات فيما يتعلق بالفقه والتشريع، ولكن من الواضح اننا لن نستطيع ان نغير من احوالنا المتردية بغير اعمال الفكر الديني في كل امر يحيط بنا.
قد لا يكون هدف الشيخ البدري من اثارة هذا الموضوع على منابر المساجد هو ما نصبو اليه نحن وغيرنا من ضرورة اخضاع مسلماتنا للنقد الفكري، ولكن ما قام به هذا الأزهري هو الذي نصبو اليه ونتوق له لحاجتنا الماسة اليه.

الارشيف

Back to Top