من يحكم السجون؟
من المعروف أن نسبة كبيرة من المجرمين، وخاصة من مقترفي جرائم النصب والاحتيال، هم عادة شديدو الذكاء ويمتازون بذاكرة قوية. وربما كان ذكاء هؤلاء، وما خلقه فيهم من شعور بالتميز على الآخرين، سببا في تورطهم باقتراف الجرائم، بعد ان اصطدمت طموحاتهم الشخصية بصخرة الواقع، وادراكهم صعوبة نيل ما يريدونه بالطرق العادية والقانونية.
وبالتالي من الصعب تفهم وجهة نظر الداعين، او العاملين، يمينا وشمالا، على تخفيف مدد سجن المجرمين او اطلاق سراحهم في حال نجاح هؤلاء في حفظ بعض سور من القرآن! فهذا الاستثناء او التمييز، بالاضافة الى عدم ثبوت نجاحه في تقويم سلوك غالبية من تم اسقاط عقوبة السجن عنهم بموجبه، اجراء غير عادل في حق الكثير من المساجين، إما لأنهم غير مميزين في مسائل حفظ النصوص اصلا، او انهم من غير المسلمين! فما ذنب المسلم صاحب الذاكرة الضعيفة او ذنب الكويتي المسيحي السجين مثلا لكي يحرم من مثل هذا التميز في المعاملة؟
لا شك ان لكل دولة ظروفها وعاداتها ولكن اشك ان هناك دولة متحضرة واحدة، او حتى نصف متحضرة، من بين جميع دول العالم تتبع مثل هذا الاسلوب غير الانساني وغير العادل في التخفيف من عقوبة السجين او اسقاطها كليا عنه!
ولعلمنا التام بأن مسؤولي الادارة العامة للسجون اعجز عن وقف العمل بهذا النظام، على الرغم من عدم اقتناعهم والكثيرين منا ومنهم بجدواه، بسبب سطوة ونفوذ الجمعيات والاحزاب المتأسلمة داخل مختلف سجون الدولة، فإننا نتوجه للشيخ جابر مبارك الحمد، وزير الداخلية ووزير الدفاع، راجين منه التدخل ووقف العمل بهذا الاسلوب غير المنصف الى حين التحقق من جدواه وفعاليته في تقويم النفوس. نقول ذلك بعد ان اخبرني احد العاملين في الوزارة ان اولئك الذين تخفف عنهم عقوبات السجن او يطلق سراحهم قبل انهاء عقوبتهم لا يخضعون عادة لأي نوع من المراقبة والمراجعة اللاحقة او التالية على اطلاق سراحهم للتأكد من انهم لم ولن يعودوا الى اقتراف جرائم جديدة، وان الامر برمته لا يعدو ان يكون 'احفظ آية واخرج من السجن.. والله معاك'!