خير الدين حسيب وفراغ البيانات
اصدر 'المؤتمر القومي العربي'، ومقره بيروت، ويديره ويشرف عليه ويحرر نشراته الثورية امينه خير الدين حسيب، الذي اشتهر بكونه احد ابطال 'كوبونات نفط صدام'، بيانا ادان فيه الجرائم الاميركية في العراق والصومال! وطالب البيان، كعادته، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته. كما حمل، كعادته، النظام العربي الرسمي مسؤولية استمرار ابادة 'ابنائنا' في العراق وفي الصومال (!).
واخيرا ناشد البيان 'جماهير الامة العربية والاسلامية' واحرار العالم التحرك الفوري من اجل مواجهة الغزو وايقاف المجازر ودعم المقاومة العراقية وشعب الصومال في المعركة ضد الاحتلال وعملائه. ولم ينس حسيب تأكيد اعتزازه بشعب العراق العظيم ومقاومته الصامدة. كما حيا (ولكن من غير اعتزاز) شعب الصومال (المكافح) ومن غير صفة عظيم!
سنترك موضوع شعب العراق ومقاومته جانبا، فالموضوع اكثر تعقيدا من التصدي له بمثل هذه العجالة، خاصة انه لم يكلف نفسه في الماضي قول كلمة واحدة عندما كان 'ابناء العراق' يبادون ويذبحون كالنعاج على مدى اكثر من 30 عاما على يد الجلاد صدام، وعندما كان الآلاف يدفنون في مقابر جماعية وعندما ابيد اكراد العراق في اكثر من مذبحة ومجزرة بالقنابل والغازات! ولكننا معنيون هنا باهتمام 'المؤتمر العربي القومي' المفاجئ بالصومال وابنائه! هل يستحق نظامه (محاكمه) السابق والشبيه بنظام طالبان غير الانساني، والذي اذاق الصوماليين فنون العذاب؟ هل يستحق حقا ذرف الدموع عليه؟ ولماذا لم يفكر هذا الحبيب الحسيب بإدانة ما تعرض له من ضرب وقتل على يد عصاباته الاسلامية وغيرها؟ ولماذا يأتي الآن ويستنجد ب'جماهير الامة العربية والاسلامية..'؟! وهل يصدق ان هناك من سيرد عليه والكل مشغول بالبحث عن لقمة خبز وسقف آمن؟ ومنذ متى كان بيان باهت يوزع على صحف صفراء محددة، او ينشر على الانترنت كافيا او قادرا على مناشدة 'الجماهير العربية والاسلامية'.. وكيف سمح حسيب لنفسه بمخاطبة اكثر من نصف مليار مسلم لا يعرف غالبيتهم القراءة والكتابة بلغته الام، ناهيك باللغة العربية، ويطلب منهم التحرك 'الفوري' لمواجهة الغزو! الا ينفع التحرك غير الفوري مثلا؟
من الواضح ان هذه التنظيمات القومجية قد اصبحت فعلا شيئا من الماضي، فهي لم تكن اصلا تنظيمات وطنية خالصة ووفية لأوطانها لتكون الآن تنظيمات قومية على مستوى الوطن العربي بأكمله!
نكتب ذلك ونقول ان الحق ليس على خير الدين حسيب وانعدام خيره ولكن على من لا يزال يعتقد أنه لا يزال يمثل شيئا يستحق الاهتمام، او ان بالامكان تحقيق شيء من وراء كتابة ونشر وتوزيع مثل هذه المنشورات الفارغة القيمة والمعنى.
***
ملاحظة:
اتقبل فكرة 'امة عربية واحدة'، ولا اعتراض لي عليها وربما اكون اكثر ميلا لها الآن من اي وقت مضى. ولكن لماذا نرفقها ب: ذات رسالة خالدة؟ ما هذه الرسالة؟ ولماذا بقيت سرية كل هذا الوقت؟ وهل للأمم الاخرى كبولندا او رواندا او بلجيكا مثلا رسائل خالدة مماثلة لرسالتنا؟ ام اننا ننفرد بهذا الامر عن الآخرين؟
اتمنى من كل قلبي، وقبل ان يباغتني الموت، ان اجد اجابة عن هذه الاسئلة!