أنا وفاروق والحجاب (3/3)
انضم مسؤولان كبيران في الفاتيكان الى قائمة طويلة ومتزايدة من الزعماء السياسيين والدينيين الاوروبيين الى التعبير عن القلق الشديد من زيادة نسبة مرتديات الحجاب والنقاب بين المسلمات الوافدات، وقالا إن على الوافدين المنتمين للديانات الاخرى احترام تقاليد البلدان التي يهاجرون اليها.
وسبق ان صرح رئيس وزراء بريطانيا، طوني بلير، ورئيس وزراء ايطاليا، رومانو برودي بأن النقاب يسبب صعوبات في دولتيهما وان على المهاجرين المسلمين وجوب الاندماج في المجتمعات الغربية التي يعيشون فيها بعد ان رضوا بالهجرة اليها.
وفي هذا السياق يردد، او يدعي، الكثيرون، وغالبيتهم صادقون، في انهم ضد ارتداء الحجاب ولكنهم على استعداد تام للدفاع عن حق المرأة في ارتداء ما تشاء اينما تشاء!!، وهذا صحيح ولكن الامر يصبح غير ذلك عندما يتحول الحجاب لتصرف او لتظاهرة دينية تدل على عدم انتماء مرتدياته لمجتمعهنِ او رفضهن لكل قيم وثوابت المجتمعات الغربية التي يعشن فيها، او عندما يحاولن تغيير تلك المجتمعات بما يتفق وعقائدهن، وما يعنيه ذلك من رفض لكل قيم وثوابت الطرف الآخر وطريقة حياته ومعيشته!
ولكن عندما نجادل بأن من حق المرأة، او الرجل المسلم، العيش بالطريقة التي تناسبه وترضيه في المجتمعات التي يهاجر للعيش فيها، فاننا يجب ان نعطي الاجنبي، والغربي بالذات، الذي جاء برضاه للعيش بيننا الحق نفسه! وهذا ابعد ما يكون عن الواقع، حيث اننا نتصرف الآن، وفي الغالبية الساحقة من الدول الاسلامية، والخليجية المرفهة بالذات، عكس ذلك، فغير المسلمين مطالبون بالامتناع عن المجاهرة بالتدخين او تناول الطعام في رمضان، كما لا يسمح لهم بتبادل القبلات او القيام بما يخدش الحياء في الاماكن العامة.
ونحرم عليهم كذلك تناول او بيع لحم الخنزير وحتى ادخاله الى البلاد.
ونجبرهم على تناول اللحم الحلال رغما عنهم، كما نصر على اتباعهم، او على الاقل احترامهم للكثير من عاداتنا وقيمنا التي لا تتفق مع اهوائهم او عاداتهم وتقاليدهم!
ولكن ما ان يفتح الآخرون افواههم بالاحتجاج على تصرفات نسائنا في الغرب وعدم اتفاقها مع قيمهم وتقاليدهم ودينهم وعاداتهم حتى نسارع بالتهجم عليهم ووصف تصرفاتهم بالعنصرية وغيرالانسانية.
ان القوانين التي اصدرتها فرنسا التي منعت بموجبها جميع طلاب وطالبات المدارس من حمل او ارتداء اي رموز دينية كالصلبان المسيحية او القلنسوات اليهودية او اغطية الرأس الاسلامية قد قللت كثيرا من حالات الاحتكاك بين طلبة المدارس، وتبين ان الكثيرات كن يرتدين الحجاب بناء على ضغوطات عائلية، كما ان عدم تمسك اي طرف برموزه الدينية جعل الجميع اكثر تسامحا بعضهم مع بعض وبالتالي قلل ذلك من حالات الاحتكاك العقائدي بينهم!
الخلاصة: من حق المسلمين ارتداء ما شاءوا من الملابس مادام هدفهم من وراء ارتدائها ليس تحدي المجتمعات التي اختاروا العيش فيها، ومن حقهم التصرف والعيش خارج بلدانهم بالطريقة التي تنسجم مع معتقداتهم وقيمهم وعقيدتهم، ومن حقهم ممارسة شعائرهم الدينية بحرية مطلقة دون تدخل من اي طرف.
ولكننا كمسلمين مطالبون في الوقت نفسه بالسماح للغير بارتداء ما يناسبهم من الملابس في بلادنا، سواء كانت تلك الملابس قصيرة ام نصف عارية!
كما اننا مطالبون باعطاء غير المسلمين في بلادنا الحق نفسه الذي اعطيناه لانفسنا في بلادهم، وذلك بالسماح لهم بالعيش بالطريقة التي تنسجم وقيمهم وعاداتهم.
كما اننا مطالبون كذلك بالسماح لغير المسلمين الذين رضينا بوجودهم بيننا، بممارسة شعائرهم الدينية بحرية مطلقة مع ما يعنيه ذلك من بناء دور العبادة الخاصة بهم!
فهل نحن على استعداد لتقبل هذا التحدي الانساني الراقي؟