تبعات 'اللحم المكشوف
فتحت استراليا أبوابها امام المهاجرين العرب المسلمين دون تفرقةِ وكان بين هؤلاء امام مسجد مصري يسمى 'جلال الدين، او تاج الدين الهلالي'.
قام هذا الرجل، وامام 500 مصل في مدينة سدني، بانتقاد النساء غير المحجبات اللواتي يضعن الماكياج ويتمايلنِ وقال إننا لو اخذنا لحما ووضعناه في مكان مكشوف دون تغطية فستأتي القطط وتأكل منه!! وتساءل: غلطة من هذه، القطط أم غلطة اللحم المكشوف؟ اذا، الغلطة هي غلطة المرأة التي ترفض البقاء في بيتها أو أن تتحجب (!!).
لا نود الدخول هنا بالذات في سجال عما ذكره هذا الرجل من ان الحجاب يحمي المرأة من الأذى ومن خطر التعدي عليها من الآخرين، فخطأ هذا الرأي يمكن تلمسه من الواقع المعيش لحياة المرأة في اكثر الدول محافظة على التقاليد، والتي لا تكتفي قوانينها بفرض الحجاب على المرأة بل بتنقبها، أو تغطيتها كاملة، من الرأس وحتى ما تحت اصابع القدمين، وعلى الرغم من ذلك لم تتغير نظرة الرجل إلى المرأة في تلك الدول، ولم تختف من شوارعها جرائم الاعتداء على النساء ونهش لحومهن 'المخفية'!!
قد يقول البعض أن من حق السيد 'تاج الدين' ان يقول ما يشاء، فهو يعيش في دولة تدعي الايمان بحرية الرأيِِ وهذا جميل، ولكنه يعني في الوقت نفسه ان من حق الحكومة الاسترالية الممثلة للأغلبية الدفاع عن قيم من مجتمعها ورفض مثل هذه الأقوال التي تبيح للبعضِِ وبالذات المسلمون، الاعتداء على النساء غير المحجبات! فالذنب ليس ذنب ذكور القطط التي نهشت اللحم العاري بل ذنب اللحم الأنثوي العاري الذي وجد أمامها (!!!).
وهكذا كانت ردة فعل الحكومة الاسترالية على خطبة الامام او الذي سمي بالمفتي، عنيفة وقاسيةِ فقد صرح بيتر كوستللو، وزير الخزانة الاسترالية، والمرشح المرتقب لمنصب رئاسة الوزارة، في خطبة بثت من التلفزيون الوطني، ان بعض رجال الدين المتشددين سوف يطلب منهم المغادرة ان هم رفضوا الاعتراف بعلمانية المجتمع الاستراليِ وان على هؤلاء معرفة ان البرلمان هو الذي يسن قوانين البلاد، وبالتالي فالشريعة ليست مصدرا لقوانين البلادِ واذا كانت قيم المجتمع الاسترالي غير قيم هؤلاء الذين يودون تطبيق شريعتهم فإن استراليا ليست وطنهم!! واستطرد قائلا: انني اقول لأولئك الذين يحاولون اقناع الاخرين ان هناك نوعين من القوانين التي تحكم الناس في استرالياِ الاول القوانين الاسترالية، والثاني القوانين الاسلامية، اقول لهم بفساد هذا الامرِ فإذا كان هؤلاء لا يؤمنون بقوانين البرلمان وباستقلال القضاء وبالديموقراطية، ويفضلون عليها 'الشريعة' فإن من الافضل ان يبحثوا عنها في مكان آخر.
لاقت تصريحات وزير الخزانة والتصريحات المماثلة لها والتي ادلى بها وزير التربية صدى ايجابيا قويا في الاوساط الاسترالية، وخلقت في الوقت نفسه موجة عداء شديدة للمسلمين هناك بصورة عامة، والعرب بصورة خاصة الامر، الذي دفع ببعض المؤسسات والشركات لاجراء اختبارات مذلة للمنتمين لها من المسلمين وتوجيه شتى الاسئلة لهم لمعرفة حقيقة انتماءاتهم الوطنيةِ اما اخونا الامام، تاج الدين الهلالي 'فقد اعتذر علنا عن تصريحاتهِ ودعا الى تشكيل لجنة من قاض واثنين من المحامين لتقرر فيما اذا كان قد حرض في خطبته على الارهابِ وقال إنه سيتنحى عن الامامة ان ثبت انه برر في تصريحاته اغتصاب غير المحجبات، وانه سيضع شريطا لاصقا على فمه لمدة ستة اشهرِ كما ابدى استعداده للعمل 600 ساعة في انشطة الخدمة التطوعية لأي جمعية نسائية (!!) ولكن كل هذا جاء متأخرا بعد ان دب الشقاق الحاد بين آلاف المسلمين الذين يعيشون بسلام في استراليا، ووصل سيف الطرد من اللجنة الى رقبة الامام.
لا أدري متى نريح العالم من سوء تصرفات البعض منا وتطرف وارهاب البعض الآخر!