حياء مدير الجامعة
يمكن القول ان الكويت هي اقرب للتخلف منها للتقدم، ونتيجة لذلك، يجب ان يكون صرحها العلمي الاكبر والاقدم، ألا وهي جامعتها الحكومية، صرحها العلمي الاكثر احتراما، ويكون مدير هذا الصرح رمزا للتقدم الثقافي والانفتاح العلميِ هذا ما يجب ان تكون عليه الحالِِ ولكن الواقع غير ذلك!
***
نشرت 'القبس' بتاريخ 2 نوفمبر خبرا يتعلق بتفاعل مدير جامعة الكويت مع قضية المقرر الذي يدرس في كلية الآداب في الجامعة، والذي تبين انه يشتمل على صور اباحية! حيث طلب المدير من 'عميد' الآداب سحب الكتاب من التدريس، وازالته من مكتبة الجامعة، ومنع تدريسه 'نهائيا'.
ونتيجة لصدمة السيد عبدالله الفهيد، مدير الجامعة من محتويات الكتاب، فقد طلب احالة عدد من مسؤولي الكلية الى التحقيقِ كما ان العميدالعظيم سيجتمع مع عميد الآداب لمعرفة ابعاد هذه القضية التي اثارت ضجة بين اوساط الطلاب والطالبات!ِِ انتهى الخبر ولم تنته الفضيحة.
***
لعلم السيد مدير الجامعة وعميد كلية الاداب فإن كتاب the norton anthology of english literature، وليس the narto كما كتب الزميل فهد التركي في 'القبس' في اليوم نفسه، هو من اعظم كتب التدريس، فهو مقرر دراسي في اكثر من 1300 جامعة وكلية في العالم، ويحتوي على مقتطفات مختارة من عيون الادب الانكليزي، شعرا ونثرا، وللاستزادة من هذا الامر يمكن الرجوع ل: www.google.com.
ولعلم مدير الجامعة الجديد ايضا، وعميد الكلية، الذي اختار السلامة بالسكوت، فإن هذا الكتاب اضافة الى كونه الاحسن في مجاله، مقرر على طلبة الجامعة منذ سنوات طويلة، ولم تحدث نتيجة تدريسه اي انهيارات خلقية في المجتمع طوال هذه السنوات، فهو يدرس لمتخصصين اختاروا دراسة مادة ادبية لم يجبرهم احد على دراستها، ومحتويات الكتاب لا علاقة للعامة بها، بل هي للخاصة الاكاديمية، علما بأن المواد التي اثارت المدير وخدشت حياءه لا تزيد عما يراه الزائر لأي متحف عالمي من لوحات دينية او تاريخية او تماثيل عارية، كما شاهد غالبيتنا الكثير من هذه الصور في كتب تراث البشرية الفني، وهذا ما يفترض ان السيد المدير والسيد العميد الساكت عن الحق قد اطلعا عليه ايضا من خلال مطالعاتهما 'الادبية والفنية' وزياراتهما لمدن ومتاحف مختلف دول العالم.
ان منع تدريس هذا الكتاب بحجة انه اباحي لاحتوائه على رسومات يدوية قديمة لبشر عرايا، يعني ان المنع سيطال كذلك كتب كلية الطب التي تحتوي على صور 'فوتوغرافية' لبشر عرايا ايضا، فهذه ايضا تخدش حياء المطلعين عليها، ولا ادري لماذا يجب ان نعتقد ان مشاعر طلاب وطالبات كلية الاداب تختلف عن تلك التي لدى دارسي الطب مثلا؟
امر محير ومثير لقلق حقا عندما يوافق كبار اكاديميي الدولة على تسليم رقابهم لحبال بعض المشرعين من متخلفي مجلس الامة، ألم اقل في البداية اننا دولة اقرب الى التخلف منا لأي امر آخر، وبماذا نختلف عن محاكم التفتيش في العصور الوسطى؟!
***
ملاحظة:
من المفارقات المضحكة والمبكية في الوقت نفسه ان وفدا من الاكاديمية الاميركية للدراسات الليبرالية aale مقرها واشنطن العاصمة، سيقوم هذا الاسبوع بزيارة جامعة الكويت، ويقال ان سبب الزيارة يتعلق بالطلب من aale اعتماد واجازة الشهادات الصادرة من جامعة الكويت(!!)