أموال الجمعيات الدينية المسيسة (2/3)
لقد تكرر منا القول في اكثر من مقام ومقال ان لا احد في العالم يعرف حقيقة حجم الاموال التي تمتلكها الجمعيات الخيرية المسيسة في دول الخليج، والكويت بصورة خاصةِ وقد استهجن البعض هذا القول في حينه واستنكره آخرون احيانا اخرىِ فكيف يمكن لجمعيات نفع عام عادية الوقوف في وجه سلطات حكومية محلية قوية وخارجية اقوى، كوزارة خزانة الولايات المتحدة الاميركية، التي قامت بزيارات تفتيش عديدة للكويت والالتقاء بمسؤوليها على خلفية انشطة هذه الجمعيات؟ وعليه، باعتقاد هؤلاء المشككين في كلامنا، من الصعب على هذه الجمعيات الاستمرار في اخفاء حجم اموالها ومصادرها وطرق صرفها، خاصة ان سجلات واعمال هذه الجمعيات مراقبة بصورة مستمرة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل!
والجواب سهل بقدر ما هو صعب، فهذه الجمعيات احتاطت منذ البداية لليوم الذي تأتي فيه سلطة ما وتقف في وجهها وتطلب وقف فوضى تجميع الاموال دون حساب او رقابة من اي نوع كانِ ولهذا، وكما رأينا في مئات اعلانات وحملات وبوسترات جمع التبرعات، وعلى مدى سنوات طويلة مضت، قامت هذه الجمعيات بإنشاء مئات الصناديق الوقفية بأسماء عشرات رجال الدين المعروفين وغيرهم، وخصصت ارصدتها، حسب ادعاءاتهم، لمختلف الاغراض 'الخيرية' من توظيف دعاة الى حفر آبار الى طباعة كتب دينية وبناء مساجد وغير ذلك.
وحيث ان ارصدة هذه الحسابات مودعة في مصارف محددة بحسابات شخصية تعود لملكية افراد، هذا اذا بقي من تلك الارصدة شيء، فإن لا سلطة لأي جهة عليها، ولا تسري عليها بالتالي القوانين المنظمة للجمعيات الخيريةِ وقد سبق ان اكدنا في اكثر من مقال ان رصيدا واحدا من تلك الحسابات الشخصية بلغ في فترة ما، وعلى ذمة مسؤول سابق كبير في امن الدولة، 30 مليون دينار تقريبا، فالسنابل دائما مثقلة بالخير!
اما من ناحية وجود رقابة حكومية على سجلات الجمعيات الخيرية فهذه ايضا خرافة اخرىِ فالوزارة بكادرها الوظيفي شبه المتهالك غير مهيأة اصلا للقيام بعمليات تدقيق محاسبية عادية فما بالك بتدقيق سجلات جمعيات رهيبة القوة والنفوذ مثل جمعياتنا الخيرية! كما ان محاولات الوزارة تكليف مكاتب تدقيق خارجية القيام بعملية مراجعة سجلات اكثر من 120 جمعية وهيئة ولجنة، داخل الكويت وخارجها لم تكن جدية اصلا، وكانت اقرب للمزاح والسخف منها للجدِ فقد كانت تعلم علم اليقين ان العملية خطيرة وفيها تجاوز للكثير من الخطوط الحكومية وغير الحكومية الحمراء.
* * *
ملاحظة:
ما ورد في تقرير لجنة 'كوارث الكهرباء والماء' عن قيام النائب 'طلال العيار'، وزير الكهرباء السابق، بتعيين حامل شهادة تربية اسلامية وكيلا مساعدا لشؤون المستهلكين (وهو قطاع فني واداري)، يثبت صحة ما كررنا ذكره عن قوة الجهات التي تقف وراء الجمعيات الدينية المسيسةِ كما ان التعيين لا يخلي مجلس الوزراء في حينه من المسؤولية الاولى والاهمِ وعاش التخطيط الاستراتيجي سيدا ابيا!