الإطفاء مرة ثالثة
عندما يقع حريق كبير، خاصة في منطقة صناعية أو تخزينية، فإن الأضرار لا تكون مادية فقط، بل قد تمتد لتشمل عمالة المصنع أو المستودع الذين قد يتعرضون لفقد عملهم نتيجة الحريق، كما يتعرض رجال المكافحة لأخطار وقوع اصابات خطرة بينهم، والوفاة أحيانا، كما حدث في أكثر من حريق أخيرا.
يعتقد خبير دولي 'عتيق' متخصص في جرائم الحرائق المتعمدة، الذي تستعين به عدة شركات تأمين كبرى لخبرته الطويلة في تقدير قيمة خسائر البضائع المؤمن عليها، ان الكويت تحتل مركز الصدارة في نسبة ما يتم اتلافه من بضائع عند محاولة اطفاء الحرائق أو مكافحتها، ويعتقد ان سبب ذلك يعود في جانب منه الى انخفاض مستوى التدريب لدى هؤلاء من جهة وانخفاض روحهم المعنوية من جهة اخرى، الأمر الذي أدى في السنوات الأخيرة الى زيادة تلف البضائع التي تبقى بعد اخماد الحريق نتيجة الطريقة العشوائية وغير المحترفة التي تمت بها عملية الاطفاء، خاصة حرائق الأماكن العالية والسراديب، بسبب عدم مبالاتهم وحذرهم في الوقت نفسه!
ويستطرد 'الخبير' قائلا: ان سوء التدريب يمكن التغلب عليه من خلال عدة دورات مكثفة ولكن المشكلة تكمن في انخفاض الروح المعنوية لدى رجال الاطفاء، التي يعود سببها الى الخفة التي عالجت بها الادارة العليا في السنوات الأخيرة بعض حوادث الحريق الكبيرة، التي توصلت فيها تقارير التحقيق الداخلية الى انها حدثت بفعل فاعل، مع ما تسببت فيه من خسائر بشرية واصابات خطرة بين صفوفهم.
كما انعكست الروح المعنوية المنخفضة لدى رجال المكافحة على طريقتهم في المكافحة، حيث انهم اصبحوا الآن على غير استعداد لتحمل أدنى مخاطرة عند قيامهم بإطفاء الحرائق، خاصة الكبيرة منها، حيث يقومون مثلا بكسر شبابيك السراديب واطلاق مدافع مياههم الرشاشة داخلها في كل اتجاه دون الحرص على وقوع أقل ما يمكن من الخسائر!
ان الادارة العامة للاطفاء مطالبة بغربلة أوضاعها ورفع الروح المعنوية لدى فرق المكافحة واعطاء كل ذي حق حقه داخل الادارة وانصاف العاملين المخلصين من خلال جداول اداء واضحة بحيث لا يستوي الفاشل مع المجد والمجتهدِ كما يجب على الادارة اعادة النظر في النظام المتبع في توزيع مركباتها في الادارة الخاصة بحيث يحصل عليها من هو أكثر حاجة لها لأداء عمله وليس أرفع الضباط رتبة، كما يقال بأنه متبع الآن!
الحقيبة مملوءة بالشكاوى والمكان ضيق وسنعود للكتابة عن الموضوع مستقبلا ان تطلب الأمر ذلك.