'طيبة والعمامة
مطالباتنا المتكررة بفصل الدين عن الدولة لم تجد قط اذنا صاغية لدى الغالبية العظمى لا لشيء الا لتعلق مصلحة البعض ببقاء الوضع على ما هو عليه، ولجهل البقية بالمضامين الحقيقية لمثل هذه المطالبة.
فعندما نطالب بهذا الأمر لا نأتي بما هو خارج عن المألوف، بل ما نقوله لا يعدو ان يكون صدى لما طالب به، على مدار قرون طويلة، كبار المصلحين والفلاسفة العظام، وكانت نتيجة ما طالبوا به ما نراه من حولنا من ديموقراطية علمانية وتقدمية ذات مسحة انسانية طاغية يمارس فيها رجل الدين دوره باحترام لا يقل عن الاحترام الذي يلقاه نده، ان وجد!
كان لابد من هذه المقدمة لندخل في موضوع الخسارة السياسية الفادحة التي مني بها في الانتخابات النيابية الماضية رجل الدين المعمم والنائب السابق حسين القلاف!
لاسباب كثيرة تحفظت بنود دستورية على خوض افراد الاسرة الحاكمة الانتخابات النيابيةِ ومن اهم اسباب الحظر تجنب التفسيرات المسيئة للاسرة كلها في حال خسارة احد افرادها لمعركته الانتخابية وتأويلها بطريقة يستنتج منها، في احسن الاحوال، انخفاض شعبية الاسرة!
ما ينطبق على الاسرة ينطبق على رجل الدين الملتزم، والمعمم بالذات، ولاي مذهب انتمىِ فالآثار السلبية لخسارة رجل دين لا يمكن اعتبارها شخصية بحتة بحيث يمكن القول انها لا تنسحب بالتالي على الدين او المذهب الذي يمثله ويدعو له، لان هذا المرشح نفسه عندما نجح بصورة مميزة في انتخابات سابقة، ربط الجميع نجاحه بمذهبه الديني وقوة اتباعه وولائهم له! وهنا مكمن خطورة تورط رجال الدين في اوحال السياسة ودهاليزها! وعلى ضوء ذلك يمكن تفسير التصريحين المثيرين للجدل اللذين ادلى بهما السيد القلاف قبل وبعد الانتخابات الاخيرة حيث ذكر في الاول انه لن يسمح للسيد جمال الكندري بالفوز في الانتخابات! وهذا منطق يدل على تكبر مقيت لم يكن ليصدر عنه لولا ذلك البعد الطائفي الذي حاول الاعتماد عليه لحض 'اهل ملته' على عدم انتخاب غيره!
والغريب ان السيد الكندري نجح بتفوق كبير على خصومه، وبفضل اصوات كان السيد القلاف يعتقد انها ستصب في مصلحته، ومن هنا كان تصريحه الاخر الذي يعزز تماما قناعاتنا بضرورة فصل الدين عن الدولة، والذي قال فيه ان خسارته للانتخابات 'عار' على أهالي الرميثية الى يوم القيامة! وهذا القول ايضا لم يكن ليصدر عنه لولا اصراره على ربط شخصه بمذهبه! فمن اهانه، من وجهة نظره، فقد اهان مذهبه، وعليه اللعنة والعار الى يوم القيامة ومن نصره فقد نصر نفسه ومذهبه!
اننا الآن وخاصة بعد ان اقتربنا اكثر مع المجلس الجديد لان نصبح دولة 'ثيوقراطية'، احوج ما نكون لفصل الدين عن الدولةِ فما لله لله وما لقيصر لقيصرِ وان عارض البعض، وما اكثر من سيعارض، فابحث عن مصلحتهم في رفض الفصل، وستجده دنيويا بحتا لا علاقة للدين به!
***
ملاحظة: تحية للسيدة طيبة الابراهيم فكم كانت كبيرة بجرأتهاِ وعكس ذلك لمن لم يتعلم بعد كل سنوات عمله نائبا وسياسيا ان الانتخابات لا علاقة لها بالورع والتقوى!