لماذا لدينا انتحاريون؟
لماذا لدينا انتحاريون، او بشر، على استعداد لتفجير انفسهم في مقهى او مسجد او اي دار عبادة، اكثر مما لدى غيرنا؟
لماذا اصبحنا مصدر الرعب الوحيد في العالم تقريبا؟
لماذا لا تكره سلطات الجمارك ولا تحذر الا من شبابنا الملتحي؟
لماذا تبدو من هؤلاء دائما نظرات احتقار واستخفاف لمن لا يتشبه بهم؟
لماذا تصر هذه الجماعات على العيش خارج اطار العصر ومبادئه؟
كيف يمكن توقع الخير والصلاح وسيادة السلام في العالم اجمع، وفينا من يعتقد بانه على حق وستة مليارات من البشر على خطأ؟
* * *
أين يكمن جمال الحياة؟ أليس في منظر فراشة تطير ورائحة عشب مقصوص وضحكة بريئة صادرة من قلب طفلة صغيرة؟
ما هي الحياة، بكل قصرها، ان لم تكن نكتة طويلة تمتلئ بالحب والهجر والامل والالم واللهو والاكل والعتاب والصبر والقسوة والطمع والكرم والفراق واللقاء والكذب والمصارحة والاسرار واللذة والصبر والخنوع والكرامة والجنس والعائلة والابناء والبنات والاب والام والخالة والاقارب والغولف والكرة والسينما ولوحة جميلة هنا وتمثال عظيم هناك ولحن رائع في الصباح واغنية حنونة في المساء؟
لو نظرنا لحياة البعض من حولنا، وطريقة معيشتهم، الذين حاول سياسيوهم، ومازالوا يحاولون، قلب حياتنا وحصرها في اضيق الاهتمامات واكثرها جلبا للغم والهم، لوجدنا انها تخلو تماما من اجمل ما في الحياةِ فهؤلاء يصرون على اعتبار انفسهم في دار فانية وما عليهم سوى انتظار الموت او ابتغائه او السعي اليه، من اجل الوصول الى دار الخلود، ويا حبذا لو اخذوا معهم في طريقهم ارواح مئات الاطفال والناس الابرياء.
لو تمعنا في اسلوب حياتهم اكثر لوجدناه خلو من الميسر والخمرة وبقية الموبقات الاخرى، وهذا يمكن تفهمهِ ولكننا نجدها تخلو ايضا من اي مظاهر احتفالية او مفرحة اخرى، فعيد الاستقلال والتحرير ورأس السنة، وحتى المولد لا يعني لهم شيئا، وتكره الاحتفال بهذه المناسبات ككرهها للكريسماس وغيره من اعيادِ اما تبادل بطاقات المعايدة والتهنئة والفرح وارسال الزهور بمختلف المناسبات فهي بالنسبة اليهم اقرب الى الترهات منها لاي شيء اخر.
كما لا تشكل الالعاب الرياضية حيزا في حياتهم، وهنا نتحدث بشكل عام فلا يمارس هؤلاء، لسبب او لآخر، الهوكي ولا السلة ولا الكرة الطائرة.
كما لا تجدهم يصحون صباح الجمعة مثلا لمشاركة صديق او اكثر في لعبة غولف تروح عن النفس، او الذهاب لناد رياضي للسباحة او للعب كرة ماء، او مشاهدة لعبة بيسبول او فوت بول او كرة قدم على شاشة التلفزيون، فقد يتخلل ذلك اعلانات تحتوي على مناظر منقضة للوضوء، دع عنك الصلاةِ كما لا يميلون للمطالعة بشكل عام، غير ما هو مسموح به في نطاق اهتماماتهم الدينية وما هو مسموح لهم بقراءته عادة يكون موضوعه جافا مقبضا للنفس والقلب معا!
كما لا يشارك هؤلاء في حفلات عائلية او تجمعات عمل تتخللها الموسيقى، ولو كانت هادئة، فهم يفضلون الابتعاد عما فيه شبهة، فكيف اذا كانت محرمة نصا وروحا؟!
كما لا يميل هولاء للسفر لما يفرضه هذا عليهم من لباس معين وصوم مستمر عن اكل اللحوم والدجاج وحتى الكثير من ثمار البحر، بسبب حرمة تناولها، كما لا يميلون الى ارتياد اماكن اللهو، ولو كانت قمة في البراءةِ اما السينما فليس لها مكان في حياتهم، ولا يقومون فوق ذلك باستئجار افلام الفيديو لمشاهدتها في البيت، فعدد الافلام التي يسمح لهم بمشاهدتها لا تتجاوز الخمسة بكثير من اصل خمسة ملايين فيلم منتج في العالمِ اما قصتهم مع افلام الكرتون فحدث ولا حرج.
كما لا يميل هؤلاء لمشاهدة اللوحات الفنية والتماثيل العظيمة التي طالما بهرت ملايين البشر الذين استمتعوا بمشاهدتها، وليس للباليه او الاوبرا مكان في حياتهم، ولا حتى في قواميس الكثيرين منهمِ اما الزهور، فبائعوها يقولون بان الملتحين المتشددين ليسوا من مشتريها!
ولو نظرنا للبيانو او السيجار او حتى سجادة عجمية رائعة النسج والتطريز او علبة كافيار طازجة او بيت شعر غزلي رائع لوجدنا ان ايا منها لا تعني لهم شيئاِ فحياة الكثيرين منهم يلفها الوقار لفة والصمت لفات وكل ذلك مغلف بخشوع كبير، بحيث تبدو بعدها وخلالها كل مباهج الحياة وزينتها واطيب ما فيها فراغا وضياعا وترهات وتضييع وقت!
ولهذا كله، ولأمور كثيرة اخرى، فلا غرابة ان لدينا ارهابيين انتحاريين اكثر من غيرنا!
* الفكرة مستوحاة من رسالة على 'الانترنت'