الزميل حسن وأنا
سخر الزميل العزيز حسن العيسى في عمود السبت (1/4) من موقف كتاب الصحف، وأنا أحدهم، الذين أسماهم 'شيوخ المواعظ والحجج' الذين طالبوا الحكومة بعدم التدخل في سوق الأوراق المالية 'البورصة'!! وقال ان الذي يده في ماء بارد مثلج، أي الكاتب، غير الذي يده في النار يكتوي بها، أي المضارب!! وطالب الزميل الحكومة، والمجلس أيضا، بالتدخل قبل أن تضج المحاكم بقضايا الإفلاس التي ستنهش 'مكاريد' البورصة بعد أن بدأت البنوك بالتضييق عليهم.
أعترف بأن هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها مقالا لزميلنا العزيز يختلف عما اعتدنا قراءته له!!
أولا، انا أحد الذين كتبوا أكثر من مرة مطالبا الحكومة بعدم التدخل!! وكانت يدي، وأجزاء حساسة أخرى، طوال الوقت، ولا تزال مكتوية بنار البورصة، بعد أن تجاوزت خسائري في وقت من الأوقات، نتيجة المضاربة، أكثر من 400 ألف دينار!! ومع هذا كنت ولا أزال أطالب الحكومة بعدم التدخل وترك الأمر للسوق ليعدل أوضاعهِ والأيام الأخيرة أثبتت صحة ما ذهبنا إليه!!
إن التدخل الذي يطالب به الزميل أمر غير سليم من الناحية الاقتصادية وينطوي على مخاطر جمةِ وقد رأينا بأعيننا أن تدخل العاهل السعودي لدعم السوق في بلده وتعهد ابن أخيه الأمير الوليد بتقديم دعم آخر يبلغ 16 مليار ريال قد قفز بأسعار الأسهم السعودية إلى أعلى المستويات، ولكن ليوم واحد فقط، ليعود وينهار في اليوم التالي!!
إن سهم الشركة المتضخم الذي لا يحقق ربحا مجزيا لمشتريه يقارب فوائد الودائع المصرفية، لا ينفع فيه تدخل الحكومة وجمعه من السوقِ والأمر لن يعدو أن يكون نقل ملكية سهم لا يسوى من مالكه الأصلي إلى الحكومة!! وتغير هيكل الملكية هذا سيزيد تلقائيا من خسائر الشركة على المدى البعيد! نعود ونكرر أن من عمل في السوق وحقق أعلى الإيرادات في فترة ما، وأنا أحدهم، لم يفكر بتوزيع ربحه على الآخرين أو مشاركة الدولة فيه.
* * *
إن الدعم الحكومي الحقيقي يجب أن يأتي بصورة غير مباشرة عن طريق سحب المشاريع الضخمة من أدراج المسؤولين، كمشروع جسر بوبيان ومدينة حرير الصبية مثلا، وغيرهما العشرات، وطرحها للتنفيذ من قبل شركات محلية وعالميةِ والأموال الحكومية التي ستصرف على هذه المشاريع سيذهب جلها لكبرى شركات المقاولات والأنابيب والصناعات والأسمنت والنقل والشحن والمشاريع السياحية والنقل والترفيه والمأكولات وعشرات الشركات الأخرى المدرجة في سوق الأوراق المالية!! هذا هو التدخل أو الدعم الإيجابي الحقيقي الذي يجب المطالبة به!! أما أن تتدخل الحكومة لتشتري من المواطنين أسهمهم التي لا تحقق أي عائد يذكر ولا يتوقع أن تحقق أي عائد مجز في القريب المنظور لمجرد أن من اشتراها قد ينتهي الأمر به إلى المحاكم لأنه استدان ليضارب في السوق، فلا أعتقد أن الاقتراح سليم أو حصيف من جهة، ولا أعتقد في الوقت نفسه أن الأمر بمثل هذه الخطورة أصلا من جهة أخرى!! وبالتالي من غير الانصاف مطالبة الحكومة بالتدخل بمئات الملايين وشراء كل ما دب وهب من الأسهم 'البايرة' لإنقاذ حفنة مضاربين، والذين قد لا يكون لهم وجود 'فعال' لو أخذنا أرقام أرباحهم وخسائرهم على مدى السنتين الماضيتين!!