المتهمات بين البورصة والمركزي
لا أؤمن بنظرية المؤامرة ولا استسيغ الحديث عنها، خاصة في السياسة، لا لشيء الا لغياب المعلومات في مثل هذه المواضيع، وبالتالي ينحصر الحديث في نطاق التكهنات والاستنتاجات!
ولكن لو تمعنا في تصرفات الادارة العليا لسوق الاوراق المالية وردود افعالها، في الفترة الاخيرة، لوجدنا ان هناك حقا ما يدعو للريبة والتساؤل! فمعلوم ان جميع المصارف وشركات المال والاستثمار المدرجة في البورصة ملزمة بتقديم بياناتها المالية كل ربع سنة الى البنك المركزي والبورصة، وذاك لقيام هذه الاطراف بمراجعتها وتدقيق بياناتها بصفة دورية، قبل تدقيقها للمرة الرابعة والاخيرة مع نهاية العام.
ويبذل البنك المركزي جهدا مضاعفا ويبدي حرصا كبيرا في عملية التدقيق والمراجعة المكثفة لجميع بنود المصارف وشركات الاستثمار قبل تحويلها الى البورصة لتقوم هذه باعتمادها بشكل شبه روتيني، كما كانت الحال في السنوات الماضية!
ما حدث في نهاية السنة المالية الاخيرة من 'مذبحة' لميزانيات بعض الشركات، وما تبعها من اتهامات، حقيقية او جزافية، بحق مجالس اداراتها، وردود الفعل العنيفة التي بدرت من بعضها بينت كأن هناك نية مبيتة للتخريب!
فالاجراءات التي اتبعتها الشركات المساهمة، 'المتهمة' بالتلاعب بأرباحها في نهاية 2005، هي الاجراءات نفسها التي اتبعتها في السابق، وبالذات في الفترات المالية الثلاث لعام 2005، وحسب علمنا فإن البورصة لم تقم خلال فترة الأشهر التسعة الاولى من عام 2005 بإصدار اي تحذيرات او توجيه ملاحظات لأي شركة استثمارية او مالية او مصرف، فيما يتعلق بالكيفية التي احتسبت فيها ارباحها الفصليةِ وبالتالي كان توقيت الاعلان عن تلك المخالفات ـ في ذروة انهيار السوق الاخير، وبعد صدور ثلاث موازنات فصلية سابقة على اصدار الحسابات الختامية ـ أمرا يدعو الى التساؤل!ِِ فإما ان البورصة كانت تغض النظر 'عمدا' عن هذه المخالفات طوال السنوات السابقة، او على الاقل طوال عام 2005، وهذا يتطلب محاسبة ما!، وإما انها لم تكن تعلم بتلك المخالفات سواء في السنوات الماضية او في الفترات المالية الثلاث السابقة من عام 2005، واكتشفت خطأ تصرفها مع نهاية السنة المالية 2005، وهذا ايضا يدعو لتساؤل اكبر!
ما يحير اكثر هو موقف البنك المركزي من موضوع طريقة احتساب الارباح، وهو الجهة التي سبق وان 'فللت' ميزانيات الشركات 'المتهمة' ومحصتها تمحيصا دقيقا قبل اعتمادها نهائيا، والذي اصبح وضعه محرجا بعد ان قامت البورصة بكشف 'تقصيره' في التدقيق، على افتراض صحة ادعاءات البورصة!
ما يحير اكثر واكثر ان جميع الشركات التي 'اتهمت' بالتلاعب، قامت باصدار ميزانياتها وارباحها المحققة وغير المحققة كما اعتمدت تقريبا من البنك المركزي وكأن شيئا لم يكنِ وتبين ان الضجة التي اثارتها 'ادارة' سوق الكويت للاوراق المالية، لم تكن الا فقاعة مملوءة بهواء فاسد مشكوك في امره!
خلاصة القول: لا يمكن ان تكون ادارة البورصة وادارة البنك المركزي وادارات الشركات 'المتهمة' جميعها على حق في الوقت نفسهِ هناك شيء ما مريب يدعو للتساؤل!