من أيقظ تنين الشر؟
مقدمة: سألني بما يشبه الاستهزاء ان كنت وغيري من الكتاب قد نجحنا، عن طريق مقالاتنا، في تغيير شيء من كل هذا الفساد والخراب والتخلف الذي يحيط بنا! فقلت له: انه ليس من حقي انا على الاقل ادعاء شيء كهذا، فهذا امره متروك للغيرِِ ما استطيع تأكيده ان الامور كان من الممكن ان تكون اسوأ بكثير من غير هذه المقالات الهادفة والمراقبة!
***
قلة من الرؤساء الاميركيين نالها ما نال الرئيس الاميركي الحالي من انتقاد وسخرية وهجوم، إما بسبب محافظته 'المتطرفة' او يمينيته السياسية والدينيةِ وربما يكون الوحيد، اضافة الى الرئيس نيكسون، الذي لم تتوقف وسائل الاعلام، والاميركية بالذات، من صحافة وتلفزيون عن انتقاده والتهجم عليه بشكل يومي!
يعتقد الكثيرون ان الرئيس 'جورج بوش' اخطأ في تصنيفه لدول محور الشر الثلاث، كوريا والعراق وايرانِ وانه اخطأ في شن الحرب على العراقِ وانه اخطأ في هجومه وتصفيته لحكم الملالي في افغانستان، وانه اخطأ في مقاطعة كوريا الشمالية ومحاصرتها، وانه اخطأ مع ليبيا.
ولكن لو قمنا بمجرد تصور لما كان يمكن ان يكون عليه العالم من غير هذه السياسات المتشددة لوجدنا اننا كنا سنصلي ونبتهل جميعا لمن نشاء لكي يخلصنا من كل ذلك الكم من الشرور الذي اصبح يحيط بالعالم!
فهل يمكن تصور ما كان سيكون عليه العالم مع استمرار حكم امير المؤمنين الجديد 'الملا عمر'، وتنظيرات بن لادن والظواهري؟ وهل لاحدنا كم كاف من الخيال لتصور وضع المنطقة مع استمرار صدام في الحكم؟
وهل بإمكان احد تخيل ما كان سيكون عليه وضع العالم لو تمكنت ليبيا من تخصيب اليورانيوم وامتلاك قنبلة نووية؟
اما وضع كوريا الشمالية، وقيادتها الغريبة، التي جاءت للحكم بالوراثة في اول حالة شيوعية، وما تسببت فيه من قلق نووي للعالم فلا يمكن تصور مدى خطره الان، بعد ان زال ذلك الخطر الى الابد.
اما وضع ايران وما تعانيه المنطقة والعالم من خوف شديد من سعيها الحثيث لامتلاك اسلحة دمار شامل، اسوة بالاخرين كما ادعت، فلا علاج له غير تلك السياسات المتشددة التي سبق ان كانت محل انتقاد وسخرية وتهجم الكثيرين منا!
اضافة الى كل ذلك فإن السكوت او غض النظر عن هذه الانظمة كان سيتسبب حتما ويشجع انظمة اخرى على مجاراة هذه الدول المتطرفة او التسابق معها دفاعا عن النفس لامتلاك اسلحة دمار شامل!
نعم، هناك من لا تعجبه، لا بل يعادي حتى الموت، سياسات الرئيس الاميركي 'جورج بوش'، ويعتقد انها تسببت في وقوع الكثير من الحروب وبروز الكثير من الاحقاد!
ان هؤلاء جميعا بحاجة فقط لامتلاك قدرة اكبر على تخيل ما كان سيكون عليه العالم لو نجحت زعامات، حالية او سابقة، لدول ككوريا او ليبيا او ايران او العراق في امتلاك اسلحة دمار شامل!
اما اسرائيل فإن من حقنا المطالبة بمجاراتها في ما تمتلك من قوة نووية او نزع سلاحها عندما تصبح انظمتنا ديموقراطية ومحكومة من الشعب كما هي الحال معها.
ان ذاكرتنا الضعيفة هي التي جعلتنا ننسى ان العالم كان سيكون شيئا مختلفا لو لم تتدخل اميركا، واميركا بالذات، لتقضي على انظمة الشر والخراب والدمار في المانيا هتلر وايطاليا موسوليني وآلة الحرب اليابانية الانتحارية.
وذاكرتنا هي التي انستنا ان اميركا هي التي قضت على احقاد وجرائم ميلوسيفيتش وبقية مجرمي الصرب وجرائمهم في البوسنة والهرسك قد يرى البعض ان العالم يبدو مليئا بالشر مع 'جورج بوش'ِِ ولكنه كان سيكون حتما مكانا اكثر شرا بدونهِ ولا تنسوا اخيرا ان من ايقظ تنين الشر الاميركي في الحادي عشر من سبتمبر كان واحدا منا!