الرسائل النصية
كانت التهنئة بالأعياد في الماضي تتم عن طريق الزيارة الشخصيةِِ ولكن مع تطور وسائل النقل، ودخول البريد في الخدمة، أصبحت التهاني ترسل عن طريق رسائل شخصية جميلة ومميزة، ولكنها كانت محصورة في فئات مرفهةِ ومع تطور العلم ودخول الهاتف للخدمة قلت الزيارات الشخصية وأصبحت التهاني بالأعياد والمناسبات السعيدة، وحتى تقديم التعازي، تتم عن طريق مكالمة هاتفية قصيرة، ولكن مكلفة أحياناِ ثم تطور الأمر أكثر، وأصبح الأفراد والشركات يقومون بارسال بطاقات المعايدة الشهيرة والجميلة التي كان الكثير منها يحمل رسوما وصورا شخصية ودينية غاية في الذوق والأناقةِ كما كان بيع مثل هذه البطاقات المميزة مصدر دخل لا بأس به لكثير من المنظمات الإنسانية الدولية كالصليب الأحمر ويونيسيف الأطفالِ
ثم بدأت هذه البطاقة بالاختفاء تدريجيا من التداول وحلت محلها رسائل التهنئة بالفاكس بلونيها القبيحين: الأبيض والأسودِ وكانت هذه الطريقة، ولاتزال، من أكثر أشكال رسائل التهنئة مدعاة للامبالاة وأقلها إنسانية وذوقاِ فمن يقوم بتلقيمها لآلة الفاكس لا يعرف في الأغلب لمن، أو حقيقة شخصية من سيستلمهاِ كما ان غالبية متلقي 'التهاني' عن طريق الفاكس لا يكترثون او يتذكرون، بعد دقائق من قراءة التهنئة، اسم مرسلها!
ثم دخلت خدمة الانترنت على الخط وهي في طريقها للقضاء على كل وسائل التهنئة الأخرى بعد أن أصبحت رسالة ال'نت' فنا قائما بذاته مع الصور المتحركة والأفلام الملونة التي ترفق بهاِ وتزامن مع هذه الخدمة دخول رسائل الهاتف النقال النصية القصيرة التي انتشر استعمالها في السنوات الأخيرة بشكل فاق أي تصور او توقع بسبب عمليتها وسهولة استعمالها من جهة، وقلة تكلفة ارسالها من جهة أخرى، حتى من دولة الى أخرى!
وقد توقعت شركتا الاتصالات الهاتفية قبل عيد رمضان الماضي قيام مشتركيها بتبادل عشرات الملايين من رسائل التهنئة، داخل الكويت وخارجها، خلال فترة العيد فقط، وربما لم تكن تبالغ كثيرا في ذلك، فقد استلمت شخصيا ما لا يقل عن 150 رسالة نصية خلال يومين فقط في مناسبة سابقة، وقد قمت بشطبها جميعا، قبل قراءتها، وعدم الرد على اصحابها، بل ومطالبة الذين التقيت بهم من مرسليها بالتوقف عن ارسالها لانعدام اللمسة الشخصية فيها! فغالبية تلك الرسائل ترسل عن طريق ضغط بعض أزرار الهاتف لكي يقوم الجهاز بصورة تلقائية بارسال النص البارد والجاف نفسه لجميع الأسماء الموجودة في ذاكرة الهاتف!
وعليه فإننا نتقدم من جميع محبينا ومعارفنا ومن نعز عليه بالتوقف عن ارسال أي رسائل نصية لنا في المناسبات 'السعيدة' القادمة، متمنين للجميع مناسبات وأعيادا سعيدةِ وهذا لا يعني عدم ترحيبنا ايضا بمكالماتهم الشخصية، بل العكس هو الصحيح، فديوان هاتفنا يسره استقبال كل المكالمات الشخصية بمناسبة أعياد الميلاد القادمة ورأس السنة وعيد الأضحى المبارك!