بطة كبد الريسز
عندما كنا صغارا كنا نذهب عصر يوم الجمعة إلى مكان يقع على أطراف منطقة شرق، وربما كان ملعب كرة قدم قديما، لمشاهدة سباق الخيل الذي كان يقام هناكِ كما كنا نذهب كذلك الى 'الريسز'، وهو اسم رياضة سباق الخيل في الكويت، التي ربما كانت تقام خارج السور بالقرب من منطقة المرقاب! ولم يحدث قط في تلك الأيام ان شاهدنا أو سمعنا عن سباق جمال أو هجن، كما هو حاصل الآنِ وبسؤال بعض كبار السن من المواطنين عن تاريخ سباق الهجن في الكويت أجمعوا على القول انها رياضة طارئة لم تعرفها الكويت من قبل، ولكنها كانت ولاتزال منتشرة في عمان وبعض مناطق الإمارات، كما ذكروا أن الجمل، بشكله غير المتناسق وغير المريح، لا يعتبر حيوانا جيدا للسباق، ولم يعرف عن عرب شبه الجزيرة ولعهم بسباق الهجن! فقد كانت هناك 'فروسية'، ولكن لم توجد 'جمولية' مثلا!
ولكن فجأة انتشرت في الكويت في السنوات الأخيرة هواية اقتناء الجمال، اما لتربيتها والحصول على المزايا المادية المصاحبة لذلك من علف مدعوم يمكن بيعه في السوق بسعر أعلى أو للحصول على حظائر الماشية (الجواخير) وتحويلها الى مزارع لهو أو بيوت سكنية ومخازن بضائع وتأجيرها!
وعندما انتقدنا في أكثر من مقال ما يصاحب مباريات سباق الهجن من انتهاكات لحقوق أطفال صغار يتم جلبهم من دول فقيرة للمشاركة ك'جوكية' فيها، وبعد الحظر الذي صدر من وزارة الشؤون لعمليات استغلال الأطفال في هذه المسابقات، قام 'محبو' مسابقات الهجن بالاستعاضة عن هؤلاء الأطفال بروبوتات، وهي آلات الكترونية على شكل بشر، ووضعها على ظهور الجمال للمساعدة في جريها!
لا أدري حقيقة سبب هذا الاصرار الغريب على استمرار مسابقات الجمال بشكلها الغريب الحالي، فما جدوى الاستعانة بروبوت لقيادة جمل؟ وأين الرياضة والتراث والشهامة والنخوة والفروسية والمتعة في مشاهدة جهاز الكتروني يهتز بشكل مضحك على ظهر جمل يجري بطريقة غريبة؟! ألم يتسبب هذا الروبوت بنزع ورقة التوت التي كانت تتستر بها هذه الرياضة والتي كانت تصنفها ضمن الأنشطة التراثية والتاريخية؟ ولو افترضنا أنها رياضة جديرة بالاستمرار، فلماذا منع محبوها ومشجعوها فلذات أكبادهم من المشاركة فيها؟
ان الدافع باعتقادي وراء استمرار هذه المسابقات لا يخرج في الغالب عن أحد أمرين: اما للاستفادة من المزايا المادية التي تصاحب عملية تربية الجمالِ أو للتباهي بها، ومجاراة ما تقوم به دول الخليج الأخرى، ويصبح بالتالي التخلي عنها أكثر عقلانية وجدوى!
وبهذه المناسبة ندعو بعض أعضاء مجلس الأمة الغيورين على مصلحة الكويت، الذين تناقص عددهم كثيرا بعد 'البازار' (المزايدات) الأخير الذي اقيم لحلب موارد واحتياطيات الدولة، الى التعرف على منطقة سكنية راقية جديدة لا يعرف عنها احد شيئا، والتي تقع في منطقة الجواخير أو حظائر تربية الماشية في منطقة كبد! وهنا أطالب أصحاب الأكباد الضعيفة بالامتناع عن المشاركة في الوفد، فما سيطلعون عليه سيفجر، ولا شك، أكبادهم!