صحوة ضمير عنصرية
صرح النائب عواد برد، وفي صحوة متأخرة وفي ردة فعل لتعديل قانون الانتخاب الذي اعطى المرأة حقوقها السياسية، بأنه فوق تأييده السابق للقانون، الذي نجحت الحكومة في تمريره بفضل صوته المبارك والثمين، فإنه يؤيد كذلك منح الكويتية التي تتزوج من غير كويتي الحق في المطالبة بتجنيس زوجها بجنسيتها الكويتية بعد مرور فترة محددة على زواجهما.
وهذا القانون يساوي، حسب قوله، بينها وبين الكويتي الذي يتزوج من غير كويتية والذي يحق له حاليا ضمها لجنسيته.
نحن في غنى عن بيان رأينا في مطالبة هذا النائب، لكوننا نعتبر الامر من بديهيات حقوق الإنسانِ ولكن هل فكر النائب عواد، ولو لخمس دقائق فقط، قبل ان يفتح فمه ويصرح للصحافة باقتراحه هذا ويشترط للموافقة عليه ان يكون الزوج غير الكويتي عربيا ومسلما في الوقت نفسه؟!
من الواضح ان مظاهرنا الخارجية وتصرفاتنا واقوالنا وايماءاتنا تدل الى حد بعيد على أننا الى الحداثة نحن اقرب من اي امر آخر! ولكن الحقيقة وواقع الحال عكس ذلك تماماِ فنحن أكثر التصاقا الى ثقافة الرمال منا الى اي شيء آخرِ نعود لتصريح برد ونقول إن اقتراحه هذا، وهو الذي يدعي انتماءه لكتلة اسلامية لا تؤمن بقومية محددة ولا وطنية اكثر تحديا، قد بين حقيقة تطرفه.
فبموجب قانون 'برد' المقترح، لا يحق للمواطنة الكويتية المسيحية التي تقترن بغير كويتي، ولو كان عربيا، ان تطالب بمنحه الجنسية الكويتية، ان لم يكن مسلما، ولو بعد مرور 70 عاما على زواجهما! كما لا يحق للكويتية المتزوجة من مسلم غير عربي المطالبة بإلحاقه بجنسيتها!
وهذا يعني ان المئات من الآسيويين وغيرهم من غير العرب الذين تدعي لجنة التعريف بالاسلام انها ادخلتهم الى رحاب الاسلام، وأقنعتهم بتغيير دياناتهم، وهدتهم الى سواء السبيل، الى دين الحق والمحبة، كل هؤلاء لا حق لزوجاتهم الكويتيات، وهناك حالات عديدة من هذا القبيل، بمطالبة الدولة بتجنيسهمِِ لا لشيء الا لأنهم ليسوا بعرب!
لو لم يكن برد هذا منتميا لكتلة دينية لا تؤمن بقومية سياسية محددة لالتمسنا له عذرا شوفينيا او شعوبيا ماِ ولو لم يكن بيننا مواطنون من غير المسلمين لقلنا إن زيتنا في مكبتنا! ولكن من الواضح ان الدافع وراء حصر الامر بالمسلمين العرب هو القول، للمرة الالف، إننا خير العباد وافضل الخلق، وهذا يعني نسفا، بصورة تلقائية، لكل ادعاءاتنا بأن ديننا هو دين 'المحبة والحق والرحمة'!
إن غالبية البشر، من المسلمين والعرب بالذات، ليسوا بحاجة الى جنسياتنا بقدر حاجتهم الى احترامنا وتقديرنا لإنسانيتهم! اما المنح والعطايا والمزايا والقروض وبيوت الدخل المحدود وتوافه المغريات المادية التي تلحق بالجنسية فإنها ليست بعين الكريم والمعتز بنفسه، وهو من الفئات التي نميل اليها ونتمنى ان تكون بينناِ فلو كانت الكويت فقيرة فهل كان هذا النائب او غيره يضع مثل هذه الشروط المضحكة في بعضها والبديهية في جزئها الآخر، وهو المشرع الذي من المفترض به معرفة ان هناك قانونا مجحفا يمنع تجنيس غير المسلم، ولم يكن هناك بالتالي داع لأن يطالب بمنع ما هو ممنوع اصلا، وينشر غسيلنا غير النظيف على العالم؟!
ولكن هل بإمكان غالبية مشرعينا فهم هذه البديهيات؟ اشك في ذلك كثيرا!