مواقف النساء
تطرقت قبل ايام الى موضوع قيام احدى الجمعيات التعاونية بإنذار اصحاب مقهى 'ستاربكس' بالإغلاق، ان هم رفضوا تنفيذ قرار الجمعية المتعلق بفصل اماكن جلوس الرجال عن اماكن جلوس النساءِ وتوقعت أن جمعيات تعاونية اخرى ستحذو حذو هذه الجمعية، وتطلب من مختلف محلات بيع التجزئة والمطاعم الواقعة ضمن مبانيها القيام بعملية الفصل بين الجنسين.
لم يتطلب الامر الكثير لكي يتحقق ما توقعته، على الرغم من انه جاء من آخر مجال للفصل الجنسي، يمكن ان يفكر فيه انسان، حيث ارسل لي احد القراء صورة لمواقف سيارات احدى الشركات المساهمة 'المتأسلمة' الجديدة، والتي تظهر لوحة تبين تحديدا واضحا لأماكن وقوف سيارات الاناث واماكن اخرى لسيارات الذكور.
وتساءل القارئ عما يجب عليه عمله ان وجد نفسه في يوم ما امام هذا الموقف، او غيره، ووجد ان لا مكان لمركبته في اماكن سيارات الذكور، فهل يمكن له الاتجاه، مضطرا للوقوف في اماكن الاناث؟ وهل في الامر مخالفة شرعية! وهل من حق رجل المرور مخالفته ان فعل ذلك؟
وماذا يحدث لو قامت مختلف الشركات والمصالح الحكومية باللجوء الى هذا الفصل الجنسي لمواقف السيارات، علما بأن عدد مستخدمي المركبات من الرجال اعلى بكثير من النساء، فهل يعني ذلك ان شواغر مواقف سيارات النساء ستكون اكثر من شواغر مواقف الرجال؟
مسألة محيرة حقا، وتدل على ان الحكومة لا تزال تتردد في حسم موقفها من تمادي الاحزاب الدينية، ومن يلف لفها، في موضوع الفصل التعسفي للرجال عن النساء، فلا توجد دراسة واحدة في العالم تثبت ان اختلاط مركبات الرجال ومواقف سياراتهم بمركبات النساء ومواقف سياراتهن فيه اثم ومخالفة شرعية يعاقب عليها، فأولى بالتي تخاف الانحراف نتيجة وقوفها في موقف مخصص للرجال البقاء في البيت والامتناع عن قيادة السيارة.
اما نصيحتنا للقارئ الذي ارسل لنا الصورة وتساءل عما يجب عليه عمله، وعما اذا كانت هناك جهة يمكن اللجوء اليها لإيقاف هذا العبث، فإنني اجيب عن ذلك بالقول ان المرور غير معني بالامر، ووزارة التجارة لا شأن لها بتصرفات الشركات غير التجارية والمالية، وبالتالي تصبح البلدية هي الجهة الوحيدة التي يمكن اللجوء اليها، لأن اعلان وقوف المركبات وضع في منطقة تقع ضمن ملكيتها او صلاحياتها، ولكن البلدية بمشاكلها الحالية، وانشغال مسؤوليها بقضايا اهم واكبر، وعلى رأسها وزير محسوب على التيار السلفي، هي آخر جهة يمكن اللجوء اليها لحل هذه المشكلة، وبالتالي يصبح الحل الوحيد امام السائل هو حمل عباءة امرأة معه للاستعانة بها في مواقف سيارات النساء.