صغار مجرمي اليوم هم كبارهم غدا
من المفيد العودة المرة تلو الاخرى الى الطريقة التي اتبعها السيد 'رِجولياني'، عمدة مدينة نيويورك السابق، في تغيير وضع وسمعة مدينته من الافلاس والرعب والاجرام، الى واحدة من اكثر مدن اميركا روعة وامانا، مقارنة بحجمها الكبير الذي يستوعب 15 مليونا من البشر ومكانتها المالية واسواقها التجارية وانشطتها الثقافية والفنية والادبية التي تجعلها بحق اهم مدن العالم و'عاصمة العالم'.
تجربة السيد جولياني لم تكن لتنجح لولا قراره بضرورة نشر الامان اولا في ارجاء المدينة الواسعة، وهذا لم يكن من الممكن تحقيقه في ظل العدد الضخم من الجرائم الصغيرة التي كانت تقترف كل يوم فيها والتي لم تكن الشرطة تعبأ، او تلتفت إليها بسبب انشغالها بمتابعة جرائم القتل والسلب المسلح الكبيرةِ ولهذا كان قراره الاول الاهتمام بمتابعة الجرائم الصغيرة والقضاء عليها وملاحقة المتسببين فيها ومحاسبتهم، فصغار مجرمي اليوم، برأيه، هم كبارهم مستقبلا!
القصة طويلة، وسبق ان تطرقنا إليها بتفاصيل اكثر، ولكن الحقيقة تبقى ان السكوت عن اي خلل اليوم، وفي اي مكان، سيجعله مقبولا في اليوم التالي، ومستحبا في اليوم الثالث، ويصبح تدريجيا جزءا لا يتجزأ من عاداتنا وتقاليدنا ويصعب بالتالي، ليس فقط التهجم عليه، ولكن مجرد التطرق اليه او المطالبة بتحسينه!
نقول ذلك بمناسبة الانتخابات البلدية القادمة، وهي الانتخابات التي ستمهد الطريق عادة للفائزين بها للترشيح لعضوية مجلس الامة والتصدي بالتالي للتشريع ومراقبة الاداء الحكومي!! فمن صميم عمل البلدية مراقبة ما يوضع على الارصفة من اعلانات ولافتات وازالة وتغريم كل من يخرب املاك الدولة بوضع لافتاته الانتخابية في الاماكن غير المسموح بها.
وبالرغم من هذه الحقيقة فاننا نجد ان عددا كبيرا قد باشروا بمخالفة القانون والضرب ببنوده عرض الحائط وهم لا يزالون في مرحلة الترشيح، وعليه يمكن تخيل ما سيصيب البلاد من ضرر ان تسنى لهؤلاء المخالفين الفوز بعضوية المجلس البلدي، ومن بعدها مجلس الامة؟ فكيف يمكن ان نتوقع ممن دفع رشوة لينجح في اختبار قيادة المركبة ان يكون سائقا ملتزما؟
وحيث اننا معنيون فقط بانتخاب اعضاء المجلس البلدي في المنطقة التي نتبع لها، وهي الرابعة، فإننا سوف نحجب صوتنا عن المرشحين الذين قاموا بمخالفة كافة قوانين المرور والبلدية التي تمنع المرشحين من وضع لافتاتهم الانتخابية على الطرق السريعة وفوق الجسور وعلى ممرات المشاة المعلقة.
فهؤلاء يشكلون خطرا محتملا ان هم نجحوا في الانتخابات البلدية المقبلة كونهم اكثر المخالفين تجاوزا للقوانين.
كما نطالب المرور وادارات البلدية المعنية بإشغالات الطرق بالتحرك فورا وتوقيع الغرامات المالية على كافة اصحاب اللوحات الانتخابية غير القانونية وازالتها على حسابهم!