العطارة ومختبرات 'أبوت' السويسرية
إيماننا التام والمطلق بمبادئ الحرية والديموقراطية والمساواة لكونها طريق الخلاص والوحيد لتنظيف الاوطان والابدان من ادران التخلف والانحطاط والظلم والتعسف الذي تعيش فيه اجزاء عديدة من امتنا، هذا الايمان يدفعنا دفعا لوضع كامل رهاننا، وما تبقى من آمالنا في التغيير، على الفرس الاميركي بقيادة الرئيس جورج بوش، على الرغم من كل اوصاف السوء والسخرية التي اطلقت على هذا الرجل.
فبغير هذه الادارة، او ما تبقى من عمرها في البيت الابيض، لا يمكن توقع حدوث تغيير جذري في احوالنا الشخصية واحوال اوطاننا متى ما جاء من هو بمثل شخصية الرئيس الأسبق جيمي كارتر مثلا ليكون رئيسا لاميركاِ ان هذا العصر الفوضوي والخطير الذي نعيش فيه والذي لا تتورع جهات مجنونة مدفوعة بشيفونية دينية غامضة عن تدمير حياة مئات آلاف البشر المسالمين بحجة تحقيق رغبات ربانية اكثر غموضا، يحتاج مثل هذا العصر لوجود شخص يمثل ثقل بوش وتطرفه لكي يقضي عليها، او على الاقل ليحد من خطورتها.
كما ان التخلف الاجتماعي والاقتصادي التام والشامل، والفساد السلطوي الذي ترزح تحته شعوب وانظمة كثيرة في هذه المنطقة تحتاج الى تغيير مماثل في شموله، وهذا لا يمكن ان يتم، في المستقبل المنظور، وحتى غير المنظور، بالاعتماد على العوامل الداخلية بحجة ان التغيير يجب ان يتم من خلال الامة، بل يجب ان يأتي الدفع بالتغيير من الخارج، ففاقد الشيء لا يمكن أن يعطيهِ فقد كانت انظمة التعليم لدينا متخلفة وفي الحضيض، ونحن لا نتكلم عما قبل ألف عام، بل نتكلم عن اربعينات القرن الماضي وهو الجيل الذي عشناه وعايشناه، فلو اكتفى مفتش التعليم وقتها، المرحوم عبدالعزيز حسين بمقولة ان تقدم التعليم يجب ان يتم من الداخل، وبالتالي رفض التأثير الخارجي، مدرسا ومادة وأفكارا، لبقينا حتى اليوم نفكر في كيفية تغيير لون السبورة الاسود واختراع 'طباشير' لا تنكسر في يد المدرس!
وما ينطبق على التعليم يسري كذلك على ممارسة الطب وانشاء الطرق ومزاولة التجارة وعمليات النقل، واجراء الحسابات المعقدة باسرع الطرق واقلها كلفةِِ وهكذا قمنا، دون تردد، بالاستعانة بكل امر من امور حياتنا بالأجنبي وبالخارج دون خجل او جلِ ولكن ما ان تجمعت بعض الدراهم في جيوب البعض منا حتى طغى وبغى ورفض اي نوع من التغيير من الخارج بحجة المحافظة على العادات والتقاليد!
ولو عادت الحال بنا لما كنا عليه من فقر ومرض وبؤس حال، وهذا قبل نصف قرن فقط، لتغيرت مطالبتنا ولما ترددنا في قيام بعثة تبشيرية مسيحية اميركية بفتح مستشفى في الروضة ومستوصف في الفيحاء ومدرسة في الجهراء!
حقا ان الكثيرين منا بلا حياء!