لنطرد الصليبيين من بلادنا
تدعو بعض المواقع الالكترونية (القبس13/1)، كما يطالب الكثير من الدعاة وقادة الجماعات الدينية ومنظري احزابهم السياسية، بضرورة طرد الصليبيين من بين ظهرانينا.
استجابة لندائهم هذا، فقد قررنا التخلي عن عقلنا وفهمنا ومنطقنا، وقبل ذلك انسانيتنا، وتأييد مطلبهم لهذا الامر، لنر حقيقة ما سيحدث لنا عندما نتحول الى دولة اصولية متشددة، لا يعمل فيها غير من هم على شاكلتنا من التدين! ستجري امور البلاد، بداية بشكل طبيعي، وبعدها سنكتشف نقصا في خبرة بشرية هنا، ونقصا في مواد هندسية هناكِ وستعاني في مرحلة لاحقة بعض الجهات من هذا النقص، وستقفل مصالح، وتتعطل انشطة، وتتخلف اخرى، ولكن في نهاية الامر، سيتم ترقيع الوضع والتخلص من المأزق بشكل او بآخر، فالتخلف ليس بجديد علينا اصلا!
بعد فترة، ستقوم دولة جارة وصاحبة رسالة اصولية اخرى مناهضة لنا، باستغلال وضعنا المادي والعسكري، الذي نجم عن طرد كل المسيحيين، ومن لف لفهم، من بلادنا، باستغلال وضعنا العسكري الهش والتحرش بنا، وبحدودنا وجزرنا البحرية بعدوانية واضحة، ثم يتطور الامر وتقوم قوات تلك الدولة بمحاولة ناجحة لاستباحة اجزاء من اراضينا!
فما الخيارات التي نمتلكها للتخلص من ذلك الخطر الاصولي المضاد الذي يهدد اصوليتنا الاصلية؟
اولا: التقدم بشكوى الى مجلس الامن، ولكن سرعان ما سنكتشف بأن غالبية اعضاء المجلس هم اما من المسيحيين، او من غير المسلمين، الذين سبق ان قمنا بطرد مواطنيهم من بلادناِ كما ان حق النقض هو بيد 4 دول مسيحية، وخامسة وثنية!
ثانيا: محاولة الاستعانة بقوات عسكرية تابعة لدول اسلامية للدفاع عنا.
ولو افترضنا ان هناك عددا كافيا منها على استعداد للتضحية بأرواح ابنائها للدفاع عن دولة ذات نظام عنصري ديني، وهذا احتمال ضعيف جدا، فإن هذه المشاركة ستعني نشوب حرب بين مسلمين بعضهم البعض، وما يعنيه ذلك من تشرذمهم، فوق ما هم عليه من تشرذم وتبرطم!
ثالثا: وهو الحل الاكثر منطقية وعملية، الاستعانة بأشقائنا من دول الخليجِ ولكننا سنكتشف انهم قاموا ايضا بالاقتداء بنا، وطالبوا المسيحيين بالخروج من بلادهم رضوخا لمطالبة مفتيهم الدينيين، وهذا يعني تحولهم للسيف والخنجر والخيل والبنجر، بعد ان تحولت اسلحتهم، المتقدم منها قبل المعقد، الى خردة نتيجة نقص قطع الغيار التي سبق أن رفض المفتون أنفسهم شراءها من نصارى ويهود!
رابعا: الاستتابة والعودة للغرب، وطلب مساعدته لنا، بعد طلب مغفرتهِ وهذا يعني انصياعنا لقيامه، بإرسال مئات الآلاف من ابنائه، عسكريين وخبراء مدنيين، للعيش بيننا والدفاع عناِ وهذه المرة سيأتي هؤلاء بشروطهم، والتي سيكون اقلها، اخذ تعهدات خطية منا، مذيلة بأيمان غير قابلة للنقض، انه في حال نجاحهم في دحر اعدائنا عن بلادنا، فإننا سوف لن نقوم بشتمهم، أو طلب نزول اللعنة عليهم من على منابر مساجدنا، وما يعنيه ذلك من مخالفة لفكرنا المتخلف!
خامسا، واخيرا: الدفاع عن انفسنا بما سبق ان توفر لدينا من سلاح، ولو افترضنا اننا تمكنا، بما لدينا من احتياطيات مالية ضخمة، من اقناع احدى الدول المصنعة للسلاح بالوقوف الى جانبنا، ووافقت تلك الدولة، المسيحية، او الوثنية في احسن الاحوال، على الوقوف معنا ومن اجل ذلك، طالبتنا بإرسال عدد من ابنائنا للتدرب على بعض الاسلحة المتقدمة والطائرات الحربية لفترة ما، فهل سيقوم احدهم، بإرسال احد ابنائه، ومعاذ الله ان نقول احدى بناته، تلك الدولة المسيحية، بكل ما فيها من موبقات، لتلقي التدريب المناسب اللازم للدفاع عن الوطن؟
انها لإشكالية ومعضلة حقيقية نتمنى على احد مشايخ المواقع الالكترونية التصدي لها واراحة فكرنا المشغولِ نقول ذلك في الوقت الذي لا نعرف فيه العلاقة بين المشيخية الدينية والموقع الالكتروني؟ خاصة عندما يكون هذا الموقع من اختراع عقل مشرك، ويدار من قبل مشرك، ويستفيد من اشتراكاته السنوية طرف مشرك.
ملاحظة: من كتاب 'الحيوان' للجاحظ: نشب شجار بين طائر وحمار على ظهر باخرة مسافرة، لم تنجح كل الجهود في اسكاتهما، او منعهما من التلفظ بالنابي من الالفاظ، فشكت احدى المسافرات امرهما للقبطان الذي قام بتوجيه انذار لهما بالتوقف عن السباب.
عندما فشل امر بإلقائهما من على ظهر الباخرةِ وهنا صاح الحمار: ولكني لا اعرف السباحة ولا الطيران! فقال له الطائر: اذا كنت لا تعرف الطيران، ولا السباحة فلماذا اذا اطلت لسانك وتلفظت بكل ذلك الكم من الالفاظ النابية؟