موجة التشدد الديني في العالم
ما الذي جعل اميركا تتشدد، في السنوات الأخيرة فقط، دينيا؟
ولماذا زاد رواد الكنائس فيها عن ذي قبل؟
ولماذا أصبحت القيم الكنسية أكثر أهمية لديها من ذي قبل، بعد ان كانت، لعقود طويلة من الزمن، ترفض هذا التشدد وتقترب أكثر وأكثر من أوروبا العلمانية؟
ولماذا أصبح المواطن العادي الأميركي يلجأ لسياسة الغاء الآخر التي لم يكن يميل إليها من قبل؟
ولماذا أصبحنا مكروهين ومنبوذين ومصدر شبهة أينما حللنا؟
ولماذا يصعب على العالم ان يفهم حقيقة الدوافع التي تجعلنا نصر على الغاء ستة مليارات منه بخطبة من على منبر؟
ولماذا تحولت دولة المهاتما غاندي، دولة اللا عنف، الى دولة عنف ودم ودمار ضد المسلمين؟
ولماذا عاد الناخب الهندي الى انتخاب واعادة انتخاب حزب 'جناتا' الهندوسي المتشدد، المرة تلو الأخرى، لادارة جمهورية الهند ذات المليار نسمة؟
ولماذا تحول الشعب الهندي، الذي كان يجنح دائما للسلم، الى مقاتل شرس؟
ولماذا اصبحت مساجد المسلمين في تلك الدولة عرضة للحرق والإزالة، بعد ان كان العكس هو الصحيح، مع كل ما 'كان' لتلك المساجد من قدسية مفرطة؟
ولماذا قام أفراد، أو جماعات، من الشعب الهولندي، الذي يعتبر الأكثر رقيا في أوروبا، بأعمال عنف ضد المسلمين فيها وبحرق مساجدهم ومراكزهم الدينية؟
لقد بدأ كل هذا العنف ضد المسلمين وضد كل ما يمثله الاسلام منذ ان بدأ التشدد عندنا بالظهور ضد الغير.
ومنذ أن بدأنا بالاعتداء على مقدسات الآخرين وقيمهم.
ومنذ أن تطاولنا على كنائسهم ودور عبادتهم، وكأننا لانزال في سنوات الفتح الأولى.
ومنذ أن اقتنعت نسبة كبيرة منا، جهلا وتخريفا، بأننا أفضل من بقية البشر.
ونسبة اخرى لم تكتف بذلك بل قررت القضاء عليهم كذلك.
ومنذ أن اصبح الغير، ولو كان مسلما من مذهب آخر، نجسا وكريها ويجوز ان يستحل دمه، وتسبى نساؤه ويستعبد أبناؤه.
وعليه فان الطريق الى الاعتدال يجب ان يبدأ من عندناِ فنحن الذين بادرنا الآخرين بالعنف والالغاء والكراهية والنفي والنبذِ وتقع علينا بالتالي مسؤولية التخفيف من مخاوف الآخرين تجاهناِ وعلينا نحن واجب الاقتراب من الآخر، وحتى 'تقبيل رأسه' اعتذارا على كل ما تسبب فيه السفهاء منا من تخريب وتدمير وقتل للنفوس البريئة، لا لشيء الا لأنها ليست منا وفينا.