'آل الكترونية آل
نقدر جهود جميع القائمين على مشروع الحكومة الالكترونية ونتفهم صدق نواياهم، خاصة من العاملين في 'معهد الابحاث'ِ ولكن من الصعب تخيل نجاح جهودهم ووزارة المواصلات، التي فشلت حتى الان، وتحت قيادة اكثر من وزير ووكيل، في ايصال رسالة معنونة 'الى صندوق بريد رقم 405' الى صندوق بريد رقم 405 في الوقت المناسب، وهي الجهة المعنية بتطبيق هذا النظام الدقيق والمعقد! وما صرح به أخيرا المتحدث الرسمي باسم مؤتمر الحكومة الالكترونية لمجلة 'الزمن'، من ان المشروع يحتاج الى خمس سنوات اخرى لكي يجد طريقه الى التنفيذ، وان العمل به قد بدأ قبل عامين تقريبا، كان مفاجأة للكثيرين، حيث ان احدا، وحتى يومنا هذا، لم يلمس او يشعر او يطلع او يستفد، بعد مرور كل هذا الوقت، من اي اثر من آثار تحويل اعمال الجهاز الحكومي السلحفاتية الى الكترونية!!
نقول ذلك بمناسبة التجربة الالكترونية التالية التي مر بها الطالب محمد في وزارة التعليم العالي، وهي الوزارة المعنية اكثر من غيرها بالتقدم والميكنة والتحديث، والتي اضطر الى مراجعتها قبل ايام للحصول على شهادة روتينية تفيد بمطابقة شهادته الجامعية!
يقول محمد إنه، وبعد انتظار ممل وطويل مع اكثر من 20 شخصا آخر وصل المصعد وتكدس فيه مع آخرين ليحمله الى الطابق الثاني، لكن المفاجأة السخيفة كانت في ان ذلك المصعد انتقل من الطابق g ليتوقف اولا في الطابق m ثم في الطابق m1 وبعدها في الطابق m2 ثم الطابق الاول، قبل ان يصل الى الطابق الثاني، وهناك كانت المفاجأة الثانية، حيث وجد نفسه وسط مجموعة كبيرة جدا من المراجعين الذين ضاقت بهم الممرات الواقعة بين الحواجز التي يعمل موظفو القسم من ورائهاِ وعلى الرغم من كبر عدد المكاتب إلا ان العاملين عليها لم يكن يتجاوز عددهم النصف بكثير.
وعلى الرغم من ان الوزارة تعنى بالتعليم العالي، والموسم موسم تصديق الشهادات الدراسية، الا ان احدا لم يكلف نفسه، كما لاحظ الطالب محمد، بوضع نظام الدور للمراجعين، بل تركوا الامر لحظوظ هؤلاء من جهة، ولقوة التدافع وقلة ادب البعض منهم من جهة اخرى.
بعد انتظار طويل وسؤال اكثر من شخص لا علاقة له بالامر وصل محمد الى الموظفة المناسبة التي طلبت منه، بعد الاطلاع على اوراقه، مراجعة موظفة اخرى في قسم المعادلات في الطابق الاولِ وقالت له، ربما بسبب عدم ثقتها به، إنها ستقوم بإرسال ملفه الى هناك مع الفراش.
طلبت منه موظفة الطابق الاول الانتظار لحين وصول ملفه، وما ان وصل بعد اكثر من نصف ساعة حتى طلب منه مراجعة الوزارة بعد اربعة ايام! ذهب محمد في الموعد المحدد لاستلام معاملته فقيل له ان عليه الذهاب الى الطابق الرابع لشراء طابع مالي بقيمة 500 فلس! وهناك قامت موظفة بكتابة اسمه في سجل خاص وقامت اخرى، وبحركة بطيئة، بتقطيع الطابع المطلوب من مجموعة اخرى وسلمته اياه بتثاقلِ اخذ محمد الطابع العتيد وعاد الى الدور الاول حيث قامت الموظفة بلصق الطابع على الرسالة وسلمته اياها بعد تصويرها وطلبت منه الذهاب الى الدور الرابع لتوقيع الكتاب من المدير.
تخلل كل ذلك انتظار طويل وممل، ولأكثر من مرة، امام المصعد، والذي كان بطئه في العمل اكثر من بطء موظفي الوزارة.
ذهب محمد بالكتاب الى مكتب المدير في الطابق الثالث، حيث طلبت منه السكرتيرة الانتظارِ وجلس هناك لاكثر من 15 دقيقة قبل ان يستلم كتابه موقعا من 'جنابه'!
وهنا، لم يستطع محمد انتظار المصعد خوفا من ان يكون اسما على مسمى! فالمصعد للصعود وهو يرغب في النزول، ومن اجل ذلك اختار استعمال درج الطوارئ، وهكذا مر نزولا على الادوار 1، 2، 3، م2، م1، قبل ان يصل الى الطابق الارضيِ وما ان لمست قدماه الرصيف الخارجي لمبنى وزارة 'التعليم العالي'، وبعد ان اضاع بين جدرانها اكثر من ساعتين ثمينتين، حتى اقسم ألا يقوم بمراجعة مبنى تلك الوزارة مرة اخرى!
'إلكترونية ايه وبطيخ ايه يا عمي!'.