وزارة الشيخ صباح الأولى (2)
سنتكلم في هذه الحلقة عن وزارة المواصلات التي أعيد تكليف الشيخ أحمد العبدالله بمهامها، فهذه الوزارة تحتاج الى ثورة ادارية بمعنى الكلمة، ولا يمكن حقيقة تفهم أو قبول الأسباب التي يمكن ان تعيق هذه الثورة.
فوزيرها غير جديد عليها، وكان لديه، ولا يزال، الوقت الكافي لتغيير ما هو مطلوب تغييرهِ وهي، اضافة الى ذلك، أقل الوزارات الفنية ـ كالكهرباء والاشغال ـ تعقيدا من الناحية الادارية، ولكنها على الرغم من ذلك أكثرها فوضى.
فموانئ الدولة التي تدار من قبل مؤسسة مستقلة يديرها مجلس ادارة يرأسه وزير المواصلات تشكو من كل العلل والأمراض والخراب الذي يمكن تصورهِ وقد خسرت الدولة، اضافة الى سمعتها الدولية، وخسر المواطنون والمقيمون مئات ملايين الدولارات سنويا بسبب وضع الموانئ المزريِ وعلى الرغم من كل ذلك لا يبدو أن أحدا يمتلك الشجاعة الكافية والاستعداد لمواجهة الموقف وقول الحق في وجه المسؤول الأول عن هذا الوضع المتردي.
إننا على أتم الاستعداد لمرافقة السيد وزير المواصلات في رحلة داخل موانئ الدولة، التي أصبحنا نعرف مداخلها ومخارجها جيدا، لكي نريه حجم الكارثة التي تعيشها وما فعلت بها بعض الشركات الخاصة التي تعمل في داخلهاِ ولنسأله، بعد اقتناعه بحجم الخراب الذي تعيشه موانئ الكويت، عن الفترة التي يحتاجها لتدارك الأمر ومنع وقوع الكارثة التي طالما حذرنا منها، ويكفي ان نعرف أن ميناء 'أم قصر'، الواقع في دولة تعتبر الأكثر تسيبا وخطورة في العالم أجمع، يدار بصورة أكثر كفاءة وجدية من كل موانئ الكويت.
كما نطالب وزير المواصلات بوضع حد لمرض السرطان الذي اصاب بريد الكويت، فقد نجح الطب الحديث، في وقف استشراء بعض أنواع هذا المرض، وليس هناك ما يمنع من وقف كارثة البريد بقرار إداري، فهل وصل العجز بنا الى درجة أصبحنا فيها عاجزين حتى عن اصدار قرار اداري واضح ومحدد؟
أما وضع شركات الانترنت وما تشكو منه هذه الخدمة الحيوية، التي أصبح من المستحيل على مختلف الانشطة التجارية وغيرها الاستمرار بدونها، فحدث ولا حرجِ ونحن لا نزال نأمل بأن يقوم السيد وكيل الوزارة بفعل شيء بخصوص هذا الوضع المؤسف.
ونأتي الآن لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهي الوحيدة التي لا يمكن تصور استمرار عمل او نشاط أي مواطن او مقيم او مؤسسة او شركة او جمعية من غير ان يكون له علاقة بها بطريقة أو بأخرى.
وبسبب حجم المهام الهائل المناط بوزارة الشؤون فان من الصعب تصور وجود من يمتلك القدرة على الالمام بها بصورة كافية بعد ان تعشش وتشعب وتجذر الخراب فيها منذ أكثر من أربعين عاما، على الرغم من ان هذه الوزارة لا تحتاج إلا لمن يقوم بتطبيق القانون على أعمالها والخلود بعدها للنوم قرير العين مطمئن الضمير.
تشرف الوزارة على الجمعيات الخيرية والجمعيات التعاونية وعلى كل الجمعيات والمنظمات والمؤسسات غير الحكومية الاخرى والتي تقدر بالمئاتِ كما تشرف على دور العجزة والمطلقات والأرامل وادارة دور الشباب المنحرفين وادارة شؤون وتأهيل اللقطاءِ كما انها المسؤولة عن النوادي الرياضية وهيئة الشباب والرياضة، التي غاب دورها منذ ان غادرها الفارس، وأصبحت ساحة لمعارك شباب الاسرة، كل ذلك وغيره اضافة الى مسؤولية الوزارة عن اقامات العمل وخدم المنازل، او منجم الذهب المسمى 'المتاجرة بالرقيق الملون'.
وحيث ان من الصعب على اي مسؤول الالمام بكل انشطة وزارة كبيرة ومتشعبة كوزارة الشؤون، والعمل في الوقت نفسه على تطويرها، بسبب ضيق الوقت ومختلف الضغوط التي عادة ما يتعرض لها، فان الوزير الجديد مطالب باتباع المثل القائل 'اضرب الكبير ليخاف الصغير'! فلكي ينجح الوعد الذي قطعه على نفسه بأن يقوم بتطبيق القانون على الجميع فانه مطالب بالبدء بالرؤوس الكبيرة والاكتفاء في هذه المرحلة بتطبيق القرارات الوزارية التي صدرت في حق الجمعيات 'الخيرية'ِ وعندما ينجح في ذلك فان الكثير من الأمور ستحل نفسها بنفسها بعد ان ترى بقية الاطراف المخالفة ان القانون الذي طالما توقف عن التطبيق، لمئات المرات، أمام عتبة دور الجمعيات الدينية المسيسة ذات النفوذ غير المبرر، قد تم تطبيقه في عهد الوزير الجديد، وان دورها قادم لا محالة إن هي استمرت في مخالفاتها.