وزارة الشيخ صباح الأولى
باختيار السيد فيصل الحجي وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل تكتمل حبات العقد الذي اختاره رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الاحمد بعناية فائقة، بحيث جعله عقدا حكوميا مميزا لم نشهد ما يماثله منذ منتصف السبعيناتِ نقول هذا على الرغم من تحفظاتنا على الوزيرين باقر وشرار.
لقد جاء تشكيل هذه الحكومة الجيدة والمميزة قبل ايام من بدء العطلة الصيفية البرلمانيةِ وهذا يعني ان امام رئيس مجلس الوزراء وفريقه فترة لا بأس بها يمكنهم خلالها انجاز الكثير، ليس فقط بسبب كفاءة غالبية اعضاء الفريق، وما يعتمل في صدور الجدد منهم من رغبة عارمة في اثبات الوجود، بل بسبب ذلك الكم الهائل من القرارات الخاطئة، او بسبب عدم اتخاذ القرار اصلا، الامر الذي خلف كومة من الخراب والتراب الذي يحتاج الى نفض وازالة.
ومساهمة منا في بيان ما نعتقد بأنه يستحق الاهتمام من الوزراء الجدد او الذين اعيد تكليفهم بحقائبهم الوزارية السابقة فإننا سنبدأ بوزير الاعلام الجديد، السيد محمد ابو الحسن، لنطالبه بتطبيق حد ادنى من الحرية على مختلف الاجهزة والوسائل الاعلامية التي يشرف عليها، وهي الحرية التي لا نفتقدها قط، فإننا لم نحصل عليها في المقام الأولِ وربما يكون هو الاقدر على فهم اهمية هذه الحرية، بعد ان خبرها وسخرها لخدمة قضية بلاده طوال عقود من الزمن في مختلف المحافل الدولية.
كما نطالبه ايضا بجعل اجهزة الدولة الاعلامية متميزة، والتلفزيون بالذات، مميزا في شيء واحد على الاقل، بعد ان هجره الجميع، قبل وبعد حرب تحرير العراق، وتطويره الى قنوات اكثر اثارة وثقافة ومتعة وحرية وانفتاحاِ وان يمنع كليا البرامج التي اصبح يظهر من خلالها رجال دين اثيرت حولهم مختلف الاشاعات بسبب ادوارهم ومواقفهم الحزبية الدينية المتطرفة.
كما انه مطالب بإعادة الروح الى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، على الاقل الى ما كان عليه في ايام السيدين العسكري والرميحي، بعد ان تحول ذلك الجهاز، المعني بأرق واغنى احاسيس ومشاعر الانسان، الى هيكل عظمي بسبب مختلف الامراض التي اصيب بهاِ ومطلوب منه، اضافة الى ذلك العمل على فتح البلاد ثقافيا، عن طريق السماح لمختلف الكتب بدخول البلاد، وسياحيا عن طريق تشجيع الرحلات الجماعية من مختلف دول العالمِ وان يقوم كذلك بتعديل وضع 'بيت الكويت للاعمال الوطنية'، والذي اصبح مصدر 'خير عميم' للبعض، بعد ان تقاعس مسؤولو الوزارة السابقون عن فعل شيء بخصوص وضعه غير القانوني.
اما وزير الاوقاف الجديد فإنه مطالب بإعادة الاحترام للمساجد كمكان مقدس لأداء الصلاة بعد ان حولها البعض الى مصانع لتفريخ خلايا الارهاب، والشواهد على ذلك اكثر من ان تحصى، ومنها ما جعل اسم الكويت يتردد على كل شفة ولسان في مختلف اجهزة مكافحة الارهاب الاقليمية والدولية، كما ان الوزير الجديد مطالب بتحديد مكانة رجل الدين واعلاء شأنه في المجتمع كأداة انسانية هدفها نشر المحبة بين الناس ونبذ كراهية الآخر، بعد ان اصبحت صورة رجل الدين مقرونة عند البعض بالعنف والتسلط والرأي الواحد وكره الآخر، ايا كانِ ويكفي سرد اسماء عدد من أئمة المساجد 'السابقين والحاليين' لكي نعرف المدى الخطير الذي ذهب اليه البعض منهم بسبب تقاعس الوزارة عن القيام بدورها الحقيقي في المجتمعِ كما نطالب السيد وزير الاوقاف بإعادة النظر في دور الامانة العامة للوقف، سواء من ناحية وقف اساءة استخدام ما يقع تحت سيطرتها من اموال 'لا صاحب لها'، او من الطريقة التي يتم بها اختيار لجانها 'الخيرية' وتعيين اعضائها!!، وهذا لا يعني اننا نطعن في ذمة احد من القائمين عليها.
ومطلوب كذلك من الوزير اعادة النظر في اعمال بيت الزكاة التي نالها الكثير من سيئ الاخبار مؤخرا، وان يجعل البيت يعمل في بيئة تتسم بشفافية اكبر وان يكون عمله تحت مجهر الجميع، علما بأن فكرة البيت، كوعاء اختياري لتجميع الزكوات وصرفها من قبل مدير البيت، بدعة لم يعرفها المسلمون الاوائل، ولا اعتقد ان الفكرة نفسها مطبقة في اي دولة في العالم.
واخيرا نطالب وزير الاوقاف بإعطاء موضوع الوحدة الوطنية الاهمية اللازمة وذلك عن طريق اخذ زمام المبادرة وكسر تقليد بال وقديم طالما تمسك به مختلف قياديي الوزارة السابقين والحاليين والمتمثل في قصر وظائف الوزارة على فئة محددة، ومن المعروف ان عداء الاغلبية وعدم قبولها او حتى عدم احترامها للآخرين يمكن ازالته، او على الاقل التخفيف منه، عن طريق الاختلاطِ فتواجد من يمثل الاقلية مع الآخرين تحت سقف عمل واحد يعدل، بصورة تلقائية، من لغة العمل المتداولة، فوجود المرأة كموظفة في اي محيط عمل مثلا يجعل من لغة العاملين الذكور اكثر تهذيبا، وهكذا مع بقية الاقلياتِ وهنا لا نطالب فقط بزيادة نسبة المواطنين المسلمين غير المنتمين لأحزاب سياسية في اقسام ودوائر الوزارة بل وبدعوة المواطنين المنتمين للدين المسيحي كذلك للعمل في وزارة الاوقاف، والذين لهم، بموجب النصوص الدستورية، كامل الحقوق المدنية التي يتمتع بها الآخرون.
هذه مجرد خواطر سنتبعها بأخرى عن اعمال بقية الوزارات.