برامج قناة 'ال بي سي
ترجل الزوجان من القطار في محطة مدينة بوسطن الاميركية، واتجها مباشرة من هناك الى جامعة هارفارد لمقابلة رئيسهاِ نظرت سكرتيرة مكتب الرئيس الى هيئتهما المتواضعة، التي تدل على المنطقة الريفية المتخلفة التي قدما منها، وسألتهما إن كان لديهما موعد مسبق لمقابلة الرئيس، وعندما أجاباها بالنفي قالت لهما، وفي محاولة منها للتخلص منهما، ان الرئيس سيكون مشغولا طوال اليوم، فقالا لها انهما لا يمانعان في الانتظار! قالت السكرتيرة في نفسها، وهي تتمعن في هيئتهما بشكل أكثر دقة، انهما حقا في المكان الخطأ، فمن الواضح أن لا شأن لهما بجامعة هارفادر، وانهما لا يستحقان حتى ان يكونا في جامعة كمبريدج، المنافسة لها!
تجاهل السكرتيرة لهما لساعات، على أمل ان يشجعهما الأمر على المغادرة لم يؤد الى شيء، حيث جلسا صامتين بانتظار المقابلة، الأمر الذي دفعها في النهاية لقطع خلوة الرئيس وإعلامه بأمر الزوجين، وهو قرار ندمت عليه بعد ذلك كثيرا!
بوجه متجهم يدل على نفاد صبر وانشغال تام استقبل الرئيس الزوجين بكلمات مقتضبة، وبادرته الزوجة من فورها بالقول، إن ابنهما سبق وان درس في هارفارد لعام واحد، وانه أحبها كثيرا، ولكنه توفي في حادث، ويرغبون في اقامة نصب تذكاري ضمن حرم الجامعة تخليدا لذكراه! لم يعجب كلامهما رئيس الجامعة، بل بدا واضحا أنه صدم لسماعه، وقال للزوجة بتهكم واضح: يا سيدتي لو أننا أقمنا تمثالا لكل طالب درس في هارفارد ومات في حادث لتحول الحرم الجامعي الى مقبرة.
وردت عليه السيدة باعتذار واضح قائلة إنها لم تقصد اقامة تمثال لابنهما بل التبرع بتكاليف بناء كامل!
ورد الرئيس عليها بتهكم اشد، وهو يتمعن ملابسها وملابس زوجها الريفية شبه الرثة، وقال: هل لديكما أدنى فكرة عما يتكلفه بناء مبنى في هارفارد؟ إن مجموع استثماراتنا في المباني هنا يتجاوز سبعة ملايين ونصف المليون دولار يا سيدتي! وللحظة بقيت السيدة صامتة وواجمة، الأمر الذي جعل الرئيس يعتقد أنه نجح أخيرا في التخلص منها، ولكنها بادرته بالقول متسائلة: أهذا كل ما يتكلفه أمر بناء جامعة جديدة؟ واستدارت الى زوجها وسألته: لماذا لا نبني جامعتنا؟ وهز زوجها رأسه بالموافقةِ تجهم وجه رئيس هارفارد وبانت عليه الحيرة لسماع ما لم يكن يتوقع سماعه، ولكنه صمت خجلا مما بدر منه.
قام السيد والسيدة ليلاند ستانفورد من فورهما وغادرا مكتب الرئيس متجهين الى محطة القطار للسفر الى مدينة بالو ألتو، في كاليفورنيا، حيث قاما ببناء جامعة ستانفورد تخليدا لذكرى ابنهما، وهي الجامعة التي اصبحت الأكثر شهرة في العالم أجمع!
أقول هذا الكلام ليس من منطلق الدعاية لجامعة اميركية، بل بمناسبة ما ورد في حلقة برنامج عمرو خالد الذي بثته محطة 'الِ بيِ سي' الفضائية اللبنانية (!) ظهر يوم الجمعة، والذي تطرق فيه، مصحوبا بدموع وآهات العشرات من مشاهديه، الى حال البشرية يوم القيامة التي ستنتظر في واد غير ذي شجر ولا ظل لخمسين ألف عام لكي يأتي دورها في العقاب! وقال ان سبع فئات من البشر فقط سيتم استثناؤها من ذلك الانتظار الطويل، وهم الذين آمنوا وخشوا الله وهم في مقتبل العمر، وليس من اهتدوا وهم كبار في السن، وأولئك الذين بروا بوالديهم، ومن تصدقوا، ومن خشوا الله فلم ينقادوا لفتنة، ومن رفضوا عروض الغواية وأولئك الذين رفضوا إغراء المال، والحاكم العادل، واضافة الى أمر أو أمرين آخرين لا أذكرهما بالدقةِِ، حيث لم تتضمن العلماء الخلص، وما أندرهم، ولا المكتشفين، وما أقلهم، ولا المخترعين، وما أعظم ما أسدوه للبشرية من خدمات.