تفعيل القرارات
'ِِ إن علينا، قبل مطالبة الغرب بمراعاة خصوصية العمل الخيري، واجب الاطمئنان الى ان التبرعات تصل حقيقة الى مستحقيهاِِ'!.
(وكيل وزارة الشؤون الاسلامية في البحرين الشيخ خليفة بن حمد)
*¹*¹*
قامت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قبل فترة بالاتفاق مع مكتب 'برقان' لتدقيق الحسابات، على القيام بمهمة مراجعة حسابات كافة الجمعيات الخيرية المسموح لها بجمع التبرعات، داخل الكويت وخارجها، لقاء مبلغ محدد، وكتبنا في حينه مقالا ذكرنا فيه ان ما تم الاتفاق عليه بين الوزارة والمكتب سوف لن يصمد طويلا لانه غير واقعي، فالمبلغ ضئيل ولا يكفي حتى لتغطية مصاريف مراجعة جمعية واحدة او اثنتين على الاكثر، فما بالك بأكثر من خمس جمعيات بعشرات الفروع والمكاتب المنتشرة داخل الكويت وخارجها؟.
لم تمر اكثر من عشرة ايام على ما كتبناه حتى جأر مكتب تدقيق الحسابات بالشكوى من قلة الاتعاب، وتوقف عن العمل مطالبا الوزارة بزيادة اتعابه الى 300% لكي يستطيع القيام بما تعهد به.
كما كان متوقعا، رفضت وزارة الشؤون طلب الشركة، وطالبتها بالتقيد بالاتفاق الذي لم يفرضه احد عليها اصلا.
اصر كل طرف على موقفه، فلا مكتب التدقيق التزم بالعقد وقام بتنفيذ بنوده، ولا الوزارة وافقت على زيادة الاتعاب، وبقيت الحال على ما هي عليه من اواخر السنة الماضية وحتى الآن، وستبقى كذلك لفترة طويلة مقبلة حتى تأتي بعثة اميركية اخرى، او تطرأ معلومات جديدة تتطلب ضرورة مراقبة حسابات الجمعيات لكي تتحرك الوزارة مرة اخرىِ ويبدو ان الوضع الحالي مريح لكافة الاطراف ذات العلاقة، فمكتب تدقيق الحسابات تخلص من الورطة والخسارة، والوزارة قامت بما طلبه مجلس الوزراء منها، والجمعيات الخيرية زال عنها هم تدقيق حساباتها وكشف اسرارها، وأصبحت، للمرة الألف، بعيدة عن المحاسبةِ اما الادارة التي انيطت بها مراقبة تبرعات الجمعيات الخيرية وحساباتها، والتي تم انشاؤها في وزارة الشؤون مؤخرا، فإنها ادارة بلا صلاحيات، وربما تكون اكثر الاطراف سعادة بانتهاء الوضع الى ما هو عليه، فهي الملامة والخاسرة في جميع الاحوال.
ان بقاء الوضع على ما هو عليه الآن امر غير صحيح، خاصة في ضوء الاتهامات الجديدة التي وجهتها الاجهزة السرية الروسية لبعض الجمعيات الخيرية في الكويت بالتعاون مع الارهاب الدولي، وادراج بعضها على القائمة السوداء، الامر الذي ادى الى اغلاق مكاتبها في عاصمة تلك الدولة ومدنها! والغريب ان رد الفعل الاولي على ذلك الخبر كان النفي التام من قبل مسؤولي الاحزاب الدينية المسيسة في الكويت، والقول إن الخبر عار عن الصحة، وان مكاتبها تعمل بصورة طبيعية في عاصمة تلك الدولة ومدنها، ثم العودة وتأكيد خبر الاغلاق (القبس 16/2) والقول إن مكاتبها اغلقت لانها جمدت العمل فيها منذ يوليو 2002!! ولا ادري كيف يمكن تبرير هذا التناقض في التصريحات من زعماء احزاب دينية؟!.
ان الحكومة مطالبة بتفعيل قراراتها المتعلقة بمراقبة حسابات هذه الجمعيات، فأموال التبرعات التي تقوم بتجميعها من كل طرف هي العصب الذي يجب الامساك به، اما مختلف الاشارات المطمئنة وتصريحات النفي الصادرة من هذا الطرف او تلك الجهة، فانها لا تعدو ان تكون ذرا للرماد في العيون، وسيأتي وقت قريب نندم فيه على تأخرنا في تفعيل قراراتنا!!.